بشهادة فلان بيني وبينك، فيشهد الرجل على أحدهما، فيقول المشهود عليه: ظننت أنك تقول الحق الذي تعلم أنه الحق، فأما إذ شهدت علي بغير الحق فلا أرضى فذلك له، والشهادة غير جائزة.
قال سحنون: وقال ابن دينار: إذا تنازع رجلان في شيء يظنانه لهما، وكل واحد منهما يظنه لنفسه من غير يقين، فيسألان الرجل فيشهد أنه لأحدهما، قال: ذلك جائز ولا يشبه ذلك مسألة مالك وهو الذي تعلمناه.
قال محمد بن رشد: حكى ابن عبدوس عن ابن كنانة نحو قول ابن دينار إنه إن كان نازعه في شيء ليس عنده علم مثل حدود أرض، أو دين على أبيه، أو ما أشبه ذلك، قال له: فلان يشهد لي، فقال: إن شهد لك فقد رضيت، فشهد لزمه، وإن كان نازعه في قول قاله، أو فعل فعله، زعم صاحبه أن فلانا رآه حين فعله أو سمعه حين قاله، فقال له: إن شهد علي فلان بذلك فقد رضيت على وجه التبكيت له والإنزاه عن الكذب، كالقائل: إن فلانا لا يقول ذلك فشهد عليه بذلك لم يلزمه.
وقال ابن القاسم في المبسوطة: لا يلزمه ذلك في الوجهين، وهو قول عيسى بن دينار، ومثله حكى ابن حبيب في الواضحة عنه، وعن ابن الماجشون وأصبغ، وعليه يأتي ما في رسم يوصي من سماع عيسى من هذا الكتاب على ما نتأوله عليه إذا وصلنا إليه إن شاء الله، وحكى عن مطرف: أن له أن ينزع عن الرضا به ما لم يشهد، فإذا شهد عليه لم يكن له أن ينزع، ولزمه ما شهد به عليه، قال: وسواء نفر إليه لعلمه بما جهلاه مما اختصما فيه، أو لمعرفته بحدود ذلك إن كانت أرضا أو على أي وجه نفر إليه ما لم يكن على وجه التبكيت لصاحبه والتنزيه للشاهد عن الكذب.