وقول ابن الماجشون أظهر؛ لأن اليقين يقرب من العلم، وإن لم يكن حقيقته علما، ولا حرج على من قال فيما يتيقنه ولا يصح أن يعلمه علما يصح له به القطع عليه أعرف كذا وكذا، مثال ذلك: أن الرجل يشهد في الرجل المسلم الظاهر الخير والصلاح أنه مؤمن عدل رَضِيٌّ، فلا يكون كاذبا في قوله بحصول اليقين عنده بإيمانه وعدله، وإن كان لا يقطع على حقيقة أمره، لاحتمال أن يبطن خلاف ما يظهر، ولا يعلم ما يبطن سواه إلا الله عز وجل المطلع على ما في القلوب من الاعتقادات.
ولو قيل في هذه المسألة: إن الشهود إن كانوا ممن يعلم أن الشهادة على العلم لا تصح إلا مع اليقين قبلت منهم على العلم، وإن كانوا ممن يجهل ذلك لم يقبل منهم إلا على البت؛ لأن الجاهل يظن ما يتيقنه ويعتقد صحته بغالب ظنه علما لكان قولا، فبهذا أقول، وإذا شهد أحد الشاهدين في الميت أنه لا يعلم له وارثا غير فلان، وشهد الآخر أنه لا يعلم له وارثا غيره وغير امرأته، فاتفقت رواية أشهب عن مالك وسحنون عن ابن القاسم أن المال كله يوقف حتى يتبين أمر الزوجة، فإن طال ذلك أعطى الوارث المال كله على ما قاله ابن القاسم، وهو مفسر لقول مالك، يريد بعد أن يحلف أنه ما يعلم له زوجة، واليمين هاهنا لا ينبغي أن يختلف فيها من أجل الشاهد بالزوجة، سواء لم توجد المرأة حتى طال الأمد أو وجدت ولم تجد شاهدا آخر يشهد لها حتى طال الأمد لأن الوارث قد ثبت نسبه بشهادة الشاهدين فوجب أن يعطى جميع المال إذا طال الأمد.
ولو لم يكن للميت وارث ثابت النسب فادعت امرأة أنها زوجته، وشهد لها بذلك شاهد واحد لحلفت مع شاهدها وأعطيت ميراثها بعد الاستيناء على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك، وما مضى في آخر الرسم الذي قبل هذا من قول مالك خلاف قول أشهب، وإنما لم ير أن يوقف حق الزوجة خاصة ويدفع إلى الوارث حقه مخافة أن يتلف ما وقف لها فتجد شاهدا آخر وقد استهلك الوارث ما قبضه وهو عديم فيذهب حقها، ويكون هو قد ورث دونها.
وأما قول أشهب: إن الوارث بالخيار بين أن يحلف مع شاهده الذي شهد له أنه لا يعلم له وارثا غيره، ويأخذ المال