أخاصمهم، هل تدفع شهادته بذلك؟ أم هل الفروج والأموال في ذلك سواء؟ قال ابن القاسم: لا أرى شهادته مقبولة إذا كان حاضرا يرى الدار تباع والعقار لا يقوم بعلمه، وكذلك هو أيضا في الفروج والحيوان وغير ذلك إذا كانت هذه الأشياء تحول عن حالها بعلمه، وقال ابن وهب: بلغني عن ربيعة أنه قال في رجل شهد في عتق أو طلاق فأخفى شهادته حتى يبيع العبد واستحل في ذلك الحرام ثم جاء بعد ذلك يشهد وهو عدل لا بأس به قال: لا شهادة له إذا كان عالما أنه لا شهادة عنده لما أقر وأخبر ثم شهد [بعد ذلك] أن عنده شهادة فهو الذي لا شهادة له، ولعله ألا يسلم لما اجتمع من قوله وعلمه.
قال القاضي: قوله: لا أرى شهادته مقبولة إذا كان حاضرا يرى الدار تباع والعقار لا يقوم بعلمه معناه إذا كان المشهود [له] حاضرا لم يعلم بشهادة الشاهد؛ لأنه إن كان حاضرا عالما بشهادة الشاهد فهو الذي أضاع ماله إذ لم يقم بحقه فيدعو الشاهد إلى تأدية الشهادة إذ لا اختلاف في أنه لا يلزم الشاهد أن يقوم بشهادته لحاضر في المال حتى يدعوه إلى ذلك، قال الله عز وجل:{وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}[البقرة: ٢٨٢] وإنما الذي يلزمه ويحق عليه إذا رأى المال يفوت ويحول عن حاله أن يعلمه بأن له عنده شهادة، فإن لم يفعل كان ذلك جرحة فيه وبطلت شهادته على هذه الرواية، وكذلك قال مطرف وابن الماجشون، إنما تسقط شهادة الشهود إذا لم يكن عند طالب الحق علم بذلك، وأما إذا علم طالب الحق بعلمهم ولم يقم بهم فلا يضرهم، فقولهما تفسير لهذه الرواية في أن شهادة الشهود لا تبطل بتركهم القيام بالشهادة؛ إذ لا يصح لهم القيام بها مع حضور المشهود له