حتى يدعوهم إلى القيام بها، وإنما تبطل بتركهم إعلامه بشهادتهم له، وكذلك الشاهد الواحد أيضا تبطل شهادته إذا أمسك عن أن يعلمه بشهادته على القول بالقضاء باليمين مع الشاهد في الأموال، وهو مذهب مالك لم يختلف فيه قوله، وأما على قول من لا يرى القضاء باليمين مع الشاهد فلا تبطل شهادته إذا أمسك عن إعلامه إلا أن يعلم أن معه شاهدا آخر، وما لم ير الشهود العقار والمال يفوت ويحال عن حاله فلا تبطل شهادتهم بالإمساك عن إعلام؛ لأن الإخبار بشهادتهم في هذا الموضع ليس بواجب وإنما هو مستحب؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها أو يخبر بشهادته قبل أن يسألها» ، قال غير ابن القاسم في المجموعة وكذلك إذا كان المشهود له غائبا تبطل شهادة الشهود إذا رأوا المال والعقار يباع ويحول عن حاله فلم يقوموا بشهادتهم.
قال محمد بن رشد: وهذا على القول بأن السلطان يوكل من يقوم للغائب بحقه، وهو أحد قولي ابن الماجشون، وروي ذلك عن أصبغ، وأما على القول بأن السلطان لا يمكن أحدا من القيام على غائب في حق يطلبه له ولا يسمع له بينة إلا بوكالة يثبتها عنده، وهو قول ابن الماجشون في الواضحة وقول مطرف حسبما مضى القول فيه في رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب من كتاب الأقضية، فإنما على الشهود أن يخبروا الجيران بتعدي من تعدى على مال الرجل ويشهروا ذلك ويذيعوه، فإن فعلوا ذلك لم تبطل شهادتهم، وقد وقع لأشهب في المبسوطة ما ظاهره أن شهادة الشهود لا تبطل بالإمساك عن القيام بالشهادة كان الحق لله تعالى في طلاق أو حرية أو لمخلوق في مال من الأموال خلاف قول ابن القاسم في هذه الرواية في الوجهين، وهو بعيد؛ لأن ما يستدام فيه التحريم يلزم الشاهد القيام فيه بشهادته، ويأتي على ظاهر قول أشهب أنه لا يلزمه أن يقوم في ذلك بشهادته حتى يدعى إليها، وفي المسألة قول ثالث وهو الفرق بين حقوق الله تعالى وحقوق المخلوقين، وهو قول سحنون، قال: لست أرى