ما قال ابن القاسم من ذلك يريد هذه الشهادة، ولا أرى ذلك إلا فيما هو لله وما يلزم الشاهد أن يقوم به وإن كذبه المدعي لذلك ويلزم الحاكم الحكم به، وذلك في الحرية والطلاق وأشباه ذلك، وأما العروض والرباع والحيوان التي يدعيها بعض الناس على بعض فلا تبطل شهادته في ذلك من قبل أن صاحبها إن كان حاضرا يرى ماله يباع ويوهب فهو الذي أضاع حقه وتركه، وإن كان رب المال غائبا لم يكن للشاهد شهادة إن قام بها، فمن أجل ذلك لم يضره ترك القيام بشهادته، وقول سحنون هذا هو أظهر الأقوال؛ لأن الحرية والطلاق وما أشبههما من حقوق الله يلزم الشاهد القيام بشهادته في ذلك، وإن لم يدع إلى القيام بها؛ لأنه يعلم بما عنده من الشهادة أن الحرام يستدام بإمساكه عن الشهادة ويقطع على ذلك فهو بتركه القيام مبيح للحرام، فالجرحة بذلك بينة، وما سوى ذلك من حقوق المخلوقين التي لا يتعلق لله بها حق كالعقار يعلمه للرجل فيراه بيد غيره يتصرف فيه بما يتصرف ذو الملك في ملكه لا يقطع بما عنده من الشهادة أنه ظالم ومتعد لاحتمال أن يكون الذي يعلمه له قد باعه منه أو وهبه له فلا يكون لهذا الاحتمال مجرحا بترك إعلام المشهود له بما له عنده من الشهادة إن كان حاضرا ولا بترك رفع شهادته إلى السلطان إن كان غائبا، وبيان هذا الذي ذكرناه أن الشهادة تنقسم على خمسة أقسام: شهادة لا يصح القيام بها إلا بعد الدعاء إليها وهي الشهادة للحاضر بالمال، فهذه الشهادة تبطل شهادة الشاهد فيها على هذه الرواية بتركه إعلامه المشهود له لا بترك رفعه شهادته إلى السلطان، وشهادة يلزم الشاهد القيام بها وإن لم يدع إليها وهي الشهادة بما يستدام فيه التحريم من الطلاق والعتق وشبه ذلك، فهذه تبطل شهادة الشاهد فيها بتركه رفع شهادته إلى السلطان إلا على ظاهر قول أشهب، وشهادة يختلف في وجوب القيام بها وفي رفع شهادته إلى السلطان إلا على ظاهر قول أشهب، وشهادة يختلف في وجوب القيام بها وفي صحته إذا لم يدع إليها، وهي الشهادة بالمال لغائب، فهذه الشهادة في بطلان شهادة الشاهد فيها بتركه الرفع إلى السلطان على القول بوجوب الرفع وصحته قولان، وشهادة لا يلزم القيام بها إذا لم يدع إليها وهي