شهد له، قال: وإن لم يكن غيرهما وكانت تخرج من الثلث أذياها، وإن كان معهما غيرهما لم يكن عليهما أكثر مما صار في أيديهما منها.
قال محمد بن رشد: قوله في المسألة الأولى يقضى بأعدل الشهود صحيح على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة وغيرها؛ لأن البينة قد كذبت بعضها بعضا في عين المشهود له وفيما شهدت له به إن كان دينا أو وصية، وأما قوله: إن الألف تقسم بينهما إذا استويا في العدالة فمعناه إن حملها الثلث ولم يكن للميت وارث غيرهم، مثال ذلك أن يترك المتوفى ثلاثة آلاف دينار ولم يترك من الورثة سوى الأربعة بنين، فإنه يقال للابنين اللذين شهدا بالوصية: ادفعا إلى الذي شهدتما له خمسمائة دينار ثلث ما ورثتماه، ويقال للآخرين اللذين شهدا بالدين: ادفعا إلى الذي شهدتما له نصف دينه؛ لأنكما قد ورثتما نصف مال المتوفى؛ وذلك لأن البينتين إذا تكافأتا في العدالة سقطتا ووجب على كل واحد من الشهود أن يعطي الذي شهد له ما يجب له في حظه من الميراث لو ثبت ما شهد له به ولم يجب على سائر الورثة شيء إن كان للميت وارث سواهم، بيان هذا أنه لو ترك المتوفى ألفي دينار وأربعمائة دينار وترك ثمانية من الولد فشهد اثنان منهم لرجل بألف دينار، وقال آخران منهم: بل هي لفلان لغير ذلك الرجل وصية لوجب على اللذين شهدا بالوصية أن يدفعا إلى الذي شهدا له بها ثلث ما يجب لهما بالميراث وذلك مائتا دينار؛ لأنه يجب لكل واحد منهما ثلثمائة دينار، ولو وجب على اللذين شهدا بالدين أن يدفعا إلى الذي شهدا له ربع ما يجب لهما بالميراث، وذلك مائة وخمسون دينارا خمسة وسبعون من نصيب كل منهما؛ لأنه يجب لكل واحد منهما ثلثمائة دينار، ولم يجب على سائر البنين فيما ورثاه شيء إذا لم تثبت الشهادة لواحد منهما وبطلت بتكذيب بعضها بعضا، وقد رأيت لابن دحون أنه قال: ولو كان الثلث لا يحمل الألف لبطلت شهادة اللذين شهدا أنها وصية، وكانت الألف للذي شهد له الآخران بها دينا؛ لأن اللذين شهدا أنها وصية يجران إلى أنفسهما؛ لأن ما لم يحمل الثلث من الألف يكون على قولهما ميراثا لهما ولسائر الورثة