صالحا وليس بمداخل له ولا مختبرا حاله ولا هو في نفسه بحال رضى ولا هو مطلع منه على شيء قبيح فليسأله من يعدله ممن هو أخبر به منه، فإن لم يأت بمعدلين ممن يرضى وسعه ألا يجيز شهادته.
قال محمد بن رشد: قوله: إن القاضي لا يقبل الشاهد إذا لم يعرفه بعدالة ولا سخطة، وإن كان ظاهر الصلاح بمشاهدة الصلوات في المساجد، وبأنه لا يعرف بأمر قبيح هو قول جمهور أهل العلم ومذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجميع أصحابه لا اختلاف بينهم فيه؛ لقول الله عز وجل:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢] إذ لا يرضى إلا من تعرف عدالته، ومن أهل العلم من قال: إن الشاهد محمول على العدالة بظاهر الإسلام فتجوز شهادته ويحكم الحاكم بها إلا أن يجرحه المشهود عليه، وهو قول الحسن ومذهب الليث بن سعد على ظاهر قول عمر بن الخطاب:" المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد أو مجربا عليه شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو قرابة "، وقد أجاز ابن حبيب شهادة من ظاهره العدالة بالتوسم فيما يقع في الأسفار بين المسافرين من المعاملات والتجارات والأكرية بينهم وبين المكارين مراعاة لهذا القول، وحكي ذلك عن مالك وأصحابه، وهو خلاف ظاهر قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة إذ لم تجز شهادته للقرباء دون أن تعرف عدالتهم إلا أنه رخص في وجه تعديلهم فأجاز فيهم التعديل على التعديل، وروي عن يحيى بن عمر أنه أجاز شهادة من لم تعرف عدالته في الشيء اليسير، وذلك أيضا استحسان مراعاة لقول الليث ومن ذهب مذهبه، ولما سأله عن حد العدالة التي إذا علمها القاضي من الشاهد لزم قبول شهادته، قال: هو الذي يعلم من عدالته ما لو دعي إلى