تزكيته لزمه أن يزكيه، وليس بجواب مقنع؛ لأن السؤال يبقى عليه في حد العدالة التي إذا عرفها لزمته التزكية، وأحسن ما يقال في حد العدالة التي تلزم بها التزكية وإجازة الشهادة هو أن يكون الرجل مجتنبا للكبائر، متوقيا من الصغائر، متصاونا عن الرذائل؛ لأن ارتكاب شيء من الكبائر فسوق، فمن أتى بكبيرة من الكبائر لم تجز شهادته حتى تعرف توبته منها، والصغائر لا يمكن السلامة منها من جميعها بدليل قول الله عز وجل لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}[الفتح: ٢] وقول الخضر لموسى: واستكثر من الحسنات، فإنك لا بد مصيب السيئات، واعمل خيرا فإنك لا بد عامل شرا، فمن لم يتوق منها ولا بالى بها لزمه اسم الفسق بالإكثار منها، والكبائر قيل فيها: إنها سبع لحديث أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«اجتنبوا السبع الموبقات، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وآكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» وسقط عن الراوي لهذا الحديث السابع وهو الزنى على ما جاء في غيره من الأحاديث، وقد جاء أن من الكبائر عقوق الوالدين وأكل الربا وشهادة الزور واستحلال بيت الله الحرام، ومما لا يختلف فيه أنه من الكبائر شرب الخمر والحرابة والسرقة، وما أشبه ذلك كثير، وقد جاء عن بعض أصحاب «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه سئل عن الكبائر فعد منها سبعة وقال: هن إلى السبعين أقرب» ولا يقال في شيء مما يعصي الله به إنه صغير إلا بالإضافة إلى ما هو أكبر منه؛ لأن كل ما استوجب به فاعله العقاب عليه من الله فهو كبير، هذا تحقيق القول في الصغائر والكبائر، وإنما شرطنا في صفة الشاهد أن يكون متصاونا عن الرذائل؛ لأن صيانة العرض من الدين فمن لم يصن عرضه لم يصن دينه، والله أعلم، وقوله ولم يسعه الوقوف عن تعديله يدل على أن من دعي إلى تعديل شاهد يعلم عدالته وجب عليه أن يعدله فرضا واجبا كما أنه