للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلة السلطان ويأكل طعامه، وسلاطين هذا الزمان من قد علمت، أتراه [لذلك] مجرحا ساقطا الشهادة؟ فإن قلت: إن ذلك لجرحة في شهادته فقد قبل جوائز السلطان من قد علمت من أئمة الهدى والعلم، قد أخذ ابن عمر جوائز الحجاج، والحجاج من قد علمت، وأخذ ابن شهاب جوائز عبد الملك بن مروان وغيره من الخلفاء، وأخذ مالك جوائز أبي جعفر، فإن قلت: إنهم كانوا يأخذون ذلك على الخوف فإن منهم من يأمن السلطان بترك الأخذ منه فلم ير إلا خيرا، وقد ذكر أن أبا جعفر أمر لمالك بثلاث صرر دنانير فاتبعه الرسول [بها] . فسقطت منها صرة في الزحام، فلما أتاه بالصرتين سأله عن الثالثة، فأنكر أن يكون أخذ غير الصرتين فلزمه مالك بالثالثة وألح عليه فيها حتى أتى بها بعض من وجدها فدفعها إليه، فمالك لم يفعل هذا إلا متطوعا، فإن رأيت طرح شهادة من أخذ من السلطان فجميع القضاة منه يرزقون وإياه يأكلون، قال سحنون: اكتب إليه: أما قولك: ما الحال التي يستوجب بها الرجل المسلم أن يكون عدلا يلزم الحكم قبول شهادته فهو الرجل المشهور بالعدالة في بلده المتواتر عليه بهذا الذي يكون عند الحكم من معرفته مثل الذي يكون عند الذي يريد تعديله وقد جازت شهادته وعرفت عدالته، وقد قال مالك: من الرجال رجال لا يسأل عنهم لشدة عدالتهم والاجتماع على ذلك منهم، فأما قولك ويلزم من عرفه عدالته ويكون الرجل ظاهر الصلاح من أهل المساجد والجهاد فلا يزكيه بذلك حتى يعرف باطنه كما عرف ظاهره ويثبت عنده من معرفة باطنه مثل الذي ثبت من

<<  <  ج: ص:  >  >>