معرفة ظاهره، ولن يكون ذلك ولا يوقع على حقيقته إلا بالصحبة الطويلة والمعاملة والأخذ والإعطاء، فإذا فعل ذلك زكاه.
[وقد قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كان يقال إذا مدح الرجل الرجل: أصحبته في سفر؟ أخالطته في ماله؟ كأنه يرى أنه لا يوقع على صحة معرفته إلا بالمخالطة والسفر.
وأما قولك: وربما قارب بعض الأشياء المكروهة وقارب بعض الذنوب فإن ذلك لن يسلم منه أحد، وليس أحد بمعصوم من الخطأ والزلل، فإذا كان الأمر الخفيف من الزلة والفلتة لم يضره ذلك في عدالته، وقد كان مالك يقول: من الرجال رجال لا تذكر عيوبهم، يقول: يكون العيب خفيفا، والأمر كله جميل حسن، فلا يذكر اليسير الذي ليس أحد منه بمعصوم مع هذا الصلاح الكثير] وقد قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في لاعب الشطرنج: أما المدمن عليها فلا تجوز شهادته، فإن كان ذلك منه على غير الإدمان وكان الأمر الخفيف قبلت شهادته، فلو كان من قارب هذه الذنوب التي لا يسلم منها أحد لا تقبل شهادته ما قبلت لأحد شهادة، قال: وقال الله لنبيه: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}[الفتح: ٢] وقد كان يقال: ليس المتقي لحدود الإسلام كاللاعب فيها، وأما قولك فقد كان يقال: اتقوا زلة العالم فزلته عندنا والله أعلم أن يبتدع بدعة فيتبع عليها، ألا ترى أنه قد قيل: اتقوا زلة العالم، فإنه إذا زل زل بزلته عالم كثير، وإذا فعل ذلك من العمال عمال أمير المؤمنين المضروب على أيديهم فهو ساقط الشهادة عندنا، وأما