بالاجتهاد في ذلك، وأما الأمراء الذين فوض إليهم الخليفة وخليفة الخليفة قبض الأموال وجبايتها وتصريفها باجتهادهم في وجوهها ومواضعها كالحجاج وشبهه من الأمراء على البلاد المفوض جميع الأمور فيها إليهم فقبض الجوائز منهم كقبضها من الخلفاء، فإن صح أخذ ابن عمر جوائز الحجاج فهذا وجهه، وأما القضاة والأجناد والحكام فلهم أن يأخذوا أرزاقهم من العمال المضروب على أيديهم أعني العمال الذين فوض إليهم النظر في ذلك وضرب على أيديهم فيما سوى ذلك من إعطاء مال الله لمن يرونه بوجه اجتهادهم، وقد روي عن مالك أنه قال: لا بأس بجوائز الخلفاء، فأما جوائز العمال ففيها شيء، يريد، والله أعلم، العمال الذين ظاهر أمرهم أن الأمور كلها مفوضة إليهم، وأن الخليفة قد أنزله في جميعها منزلته ولم يتحقق ذلك، فلذلك قال: إن في أخذ الجوائز منهم شيء يريد أن ذلك مكروه فتركها أحسن، ولو تحقق ذلك لم يكن لكراهة أخذ الجوائز منهم وجه، كما أنه لو تحقق أنه لم يؤذن لهم في إعطاء المال باجتهادهم لمن لم يعمل عليه عملا لم يكن لتسويغ أخذ الجوائز منهم وجه، فإذا كان المجبي حلالا وعدل في القسمة فاتفق أهل العلم على جواز أخذ الجوائز منه، [وإذا كان المجبي حلالا ولم يعدل في القسمة فيه، فمنهم من أجاز الجوائز منهم..] ، وهم الأكثر، ومنهم من كرهه حتى يعدل في القسمة فيه، وإذا كان المجبي يشوبه حلال وحرام فمنهم من كره أخذ الجوائز منه وهم الأكثر، ومنهم من أجازه، وإذا كان المجبي حراما فمنهم من حرم أخذ الجوائز منه والأرزاق على عمل من الأعمال، روي هذا القول عن مالك، ومنهم من أجازه، ومنهم من كرهه، وإن كان الغالب عليه الحرام فله حكم الحرام، وإن كان الغالب عليه الحلال فله حكم الحلال، وفيه كراهة ضعيفة، وإن كان الخليفة يجبي الحلال والحرام، فمن أخذ مما يعلم أنه حلال فله ما ذكرناه من حكم المجبي الحلال، ومن أخذ ما يعلم أنه حرام