عنهما لسقوط شهادتهما في الطلاق؛ لأنه إذا سقط في الطلاق، فإنما شهدا أنه وطء امرأته، وهي امرأته كما هي لم تزل، قال أصبغ وعبد الملك: ولو شهدا عليه بطلاق امرأته البتة، وشهدا أنهما رأياه على بطنها أو في لحاف عريانين جميعا فيما دون ما يحق الزنا، فالطلاق لازم، يفرق بينهما، ويؤدبان فيما فعلا من ذلك.
وسئل سحنون عنها فقال: الشهادة ساقطة، ولا حد عليهما؛ لأنهما لما سقطت شهادتهما في الطلاق، ولم تجز فيه لم يجب عليهما الحد، ونظيرتها الرجل يهلك، ويترك أخاه، وأمة حاملا، وعبدين، فأعتقهما الأخ، فشهد العبدان أن الأمة حامل من سيدها، وأن الأمة ولدت غلاما أن الشهادة ساقطة؛ لأنها لو ثبتت رد عتقهما، وصارا رقيقين، فلما بطلت الشهادة لم يلزمهما من إقرارهما بالرق شيء، وقاله أصبغ.
قيل لأصبغ: فلو بتل عتقهما في مرضه، وله مال مأمون، أو كان ذلك لهما من الهالك بوصية عتقا بعد موته، فشهدا بهذه الشهادة بعد تنفيذ الوصية لهما، أو قبل تنفيذها لهما بالعتق؟ فقال: أما الذي بتل عتقهم قبل موته، أو كان ذا مال مأمون، وأوصى لهم بالعتق، وحملهما الثلث، فشهادتهما جائزة، يرد بها الأمر كله إلى سبيل ما شهدوا به، ولا يضرهما ذلك؛ لأن عتقهما تام ماض، كان هذا، أو لم يكن، والموصى بعتقهم إذا كان في ثلث الميت ما يحملهم فهم كالمبتلين قبل موته، وشهادتهما جائزة لا يرقون هاهنا بشهادتهم شيئا من أنفسهم، قلت: فلو كان الثلث لا يحملهم فأتمه الوارث عن نفسه وأمضاه لهما؟ قال: لا تجوز شهادتهما، وكان مثل أول المسألة؛ لأن الشهادة إن أجيزت رجع الرق عليهما فيما فضل عن الثلث، فسقطت شهادتهما، وصارا بمنزلة ما لو ابتدئ عتقهما.