اشتغل في ذلك وقيمة عمل من عمل في الرحى من الأجراء وغيرهم، وتكون الغلة كلها لرب الرحى، يرد العامل إليه ما وصل إليه منها، إن كان الذي أخذ منها طعاما فمكيلته، وإن كان دنانير أو دراهم فعدتها. وإن كان لا يعرف مكيلة ما أخذ من الطعام غرم قيمة خرص ذلك ولا يغرم مكيلة الخرص، قال: وذلك لأن رب الرحى استأجر العامل على عمل الرحى واشترى منه أداتها بأمر غرر لا يجوز فصار للعامل قيمة ما أدخل في الرحى وأجرة عمله، وصارت الغلة كلها لرب الرحى يرد العامل ما أخذ مما لم يجز له ويعطى ما يجوز له من قيمة عمله بمنزلة ما لو قال له: اعمل لي رحى في هذه فإذا تمت فلك نصف غلة رحائي هذه الأخرى، أو لك يوم من غلتها كل جمعة، أو لك ثمر جناني هذه قبل أن يحل بيعها، فهذا إذا وقع وفات كان له قيمة ما أدخل في الرحى وأجرة عمله لأنه اشترى منه الصخر والحجارة وما أدخل في الرحى من الخشب والأداة واستؤجر على عمله بأمر لا يجوز فهو يعطى ما يجوز ويرد الذي أخذ مما لا يجوز له. قال يحيى: سألت ابن القاسم عن ذلك فقال لي: تكون الغلة كلها للعامل [ويكون عليه كراء قاعة الرحى] ، ويكون له قيمة عمله منقوضا، قال يحيى: والذي آخذ به أن يعطى قيمة عمله قائما تاما.
قال محمد بن رشد: لا اختلاف أحفظه في المذهب في أن المعاملة في منصب الرحى على إقامتها وعملها بجزء منها جائز إذا كان العمل موصوفا محدودا، كان النهر مأمونا أو غير مأمون حسبما مضى القول فيه في رسم شهد من سماع عيسى، ولا في أن المعاملة على عملها بغلتها