للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد تمام عملها مدة معلومة جائزة أيضا إذا كان النهر مأمونا على ما قاله حسين بن عاصم ولا في أن المعاملة فيها بجزء من غلتها دون شيء من أصلها لا يجوز كان النهر مأمونا أو غير مأمون، واختلف إذا وقع ذلك فلم يعثر عليه حتى فات بالعمل هل يحكم له بحكم الإجارة الفاسدة أو بحكم الكراء الفاسد إذ لم ينصا في معاملتهما كراء ولا إجارة، ولو نصا فيها كراء أو إجارة لكان الحكم فيها على ما نصاه دون خلاف، فقال عيسى بن دينار: إن الغلة كلها تكون لرب الرحى يرد إليه العامل ما أخذ منها، ويكون له إجارة مثلها فيما عمل وقيمة ما أدخل فيها من الخشب والحجارة والأداة على حكم الإجارة الفاسدة، لأنه رأى البناء على ملك رب الرحى، وروى يحيى عن ابن القاسم أن الغلة كلها تكون للعامل يرد عليه رب الرحى ما أخذ منها، ويكون له على العامل كراء قاعة الرحى على حكم الكراء الفاسد، لأنه رأى البناء على ملك بانيه، واختلاف ابن القاسم ويحيى بن يحيى في قيمة البنيان هل يكون له قائما أو منقوضا وجهه أن ابن القاسم لم يعذر الباني بالجهل بفساد المعاملة فجعله كالباني في ملك غيره بغير شبهة، إذ بنى وهو يعلم أنه متى قيم عليه فسخت المعاملة بينهما وأخرج عن الرحى فلم يوجب له إلا قيمة بنيانه منقوضا، وسواء على هذا عثر عليه بالقرب أو بعد أن طالت المدة، وعذره يحيى بن يحيى بالجهل فأوجب له قيمة بنيانه قائما كمن بنى فيما يظن أنه ملكه فاستحق من يده بقرب ذلك أو بعد أن طالت المدة، وهذا عندي فيمن يشبه أن يجهل ذلك وإلا [يضر] بجهله، وأما العالم الذي لا يشبه أن يجهل ذلك فلا يجب له إلا قيمة بنيانه منقوضا عندهما جميعا، والجاهل الذي لا يشبه أن يعلم ذلك له قيمة بنيانه قائما عندهما جميعا، وقد قيل: إن هذا الاختلاف إنما يصح إذا طالت المدة إلى القدر الذي يرى أن الرجل قد يكتري الرحى على أن يبنيها إلى هذه المدة ثم يخرج عند انقضائها فيأتي قول ابن القاسم على أصله فيمن بنى فيما اكترى بإذن صاحب الدار أنه ليس له إذا خرج إلا قيمة

<<  <  ج: ص:  >  >>