ادعيا جميعا معرفته واختلفا فيه فالقول قول الغارم العامل، فإن نكل عن اليمين حلف صاحب الأصل وأخذ ما ادعى، وإن ادعى أحدهما معرفة مبلغ ذلك وقال الآخر: لا أدري فالقول قول من ادعى المعرفة منهما، قيل: مع يمينه، وقيل: بغير يمين على الاختلاف في لحوق يمين التهمة، وإنما قال: إذا جهلا ذلك أنه لا يغرم مكيلة الخرص وإنما يغرم قيمته؛ لأنه إن أخذ مكيلة الخرص من الطعام دخلت المزابنة، إذ لا يدري هل أخذ أقل من حقه من الطعام أو أكثر، فيدخله التفاضل في الصنف الواحد من الطعام مع الغرر والمزابنة، ولو أخذ منه على غير خرص دق الطعام ما لا يشك أنه أقل مما اغتل أو أكثر لجاز ذلك لأنه هبة من أحدهما لصاحبه، وكذلك إذا كان الذي اغتلا دراهم لا يعرفان مبلغها أو دنانير لا يعرفان مبلغها الواجب فيه أن يتحرى مبلغ الدنانير فيأخذ منه دراهم فيها نقدا قبل افتراقهما، وأن يتحرى أيضا مبلغ الدراهم إن كان الذي اغتل دراهم، فيأخذ منه فيها دنانير نقدا قبل افتراقهما بصرف يومهما أو بما يتفقان عليه من الصرف، ولا يجوز أن يأخذ من الدنانير ما تحريت به الدنانير ولا من الدراهم ما تحريت به الدراهم للعلة التي ذكرناها في الطعام إلا أن يأخذ عددا لا يشك أنه أقل من حقه أو أكثر على قياس ما ذكرناه في الطعام، وقال: إن العامل يغرم لصاحب الأصل كراء ذلك الموضع لجميع السنين التي انتفع بها فيها، ولم يبين من أي يوم، ويتخرج ذلك على ثلاثة أقوال: أحدها أن الكراء يكون عليه من يوم وقعت المعاملة بينهما، والثاني أن الكراء يكون عليه من يوم شرع في البنيان، والثالث أن الكراء إنما يكون عليه من يوم اغتل على الاختلاف في هذا النوع من الفساد في المغارسة. وقوله: إن الكراء إنما يقدر بالنقد عاما بعام صحيح لا إشكال فيه، لأن ما فات من البيع الفاسد إنما يصحح بالقيمة نقدا يوم الفوات وإن تأخر الحكم عن ذلك، وقد مضى في نوازل عيسى بن دينار توجيه اختلاف ابن القاسم ويحيى بن يحيى في النقض هل يكون للعامل قيمته قائما أو منقوضا، فلا معنى لإعادته، وإنما يكون له قيمته قائما عند يحيى على ما هو عليه من البلى، يوم الحكم لا يوم عمله، وقد مضى بيان ذلك والقول فيه في أول النوازل المذكورة، وقد