ذكرنا هناك في ذلك تأويلين: أحدهما أن يحط من نفقته قدر ما بين قيمة البناء جديدا أو باليا، والثاني أن ذلك يرجع إلى أن يكون له في ذلك ما زاد بنيانه في قيمة الرحى على ما هو عليه من البلى، وهذا التأويل أظهر في هذه المسألة، والتأويل الأول أظهر في مسألة النوازل المذكورة، ولم يأت ابن القاسم بحجة فيما اعترض به عليه يحيى بن يحيى بقوله: فإن قال لم أقلع نقضي، وإنما وضعته على أمر كنت أراه جائزا بيني وبينك ولم أغصب ولم أظلم، بل تكون قيمته لي صحيحا إلى قوله: ليس ذلك كذلك، وقد مضى القول على ذلك مستوفى في النوازل المذكورة فلا معنى لإعادته، وسأله إن كان للعامل في الموضع شرك هل يكون من حقه أن يقر عمله وتكون له الغلة حتى يأتيه شريكه بما يجب عليه من قيمة العمل أم لا؟ فلم يعطه في ذلك جوابا بينا، والجواب أن ذلك ليس له عنده، وإنما الواجب في ذلك على مذهبه في أنه ليس للعامل إلا قيمة عمله منقوضا أن يقسم إن كان ينقسم فيقر ما صار من عمله في حظه، ويقلع ما صار منه في حظ شريكه إلا أن يشاء شريكه أن يأخذه بقيمته مقلوعا، وإن كان لا ينقسم أجبر الشريك أن يعطيه قيمة حظه من العمل منقوضا ولم يكن له أن يأمره بقلعه، إذ لا ينقسم، فإن لم يكن له مال بيع عليه في ذلك حظه من الرحى قائما، ولا يجوز أن يبيع حظه من أصل الرحى على أن يؤدي المشتري إلى الشريك العامل قيمة حظ البائع منه من النقض منقوضا لأنه غرر إلا أن يكون ذلك بعد معرفتهما بالقيمة، ويختلف إذا أدى الشريك إلى العامل قيمة حظه من العمل منقوضا وأبى أن يعمل معه فيما يستقبل على ثلاثة أقوال: أحدها أن يقال له: إما أن تعمل معه وإما أن تبيع ممن يعمل معه بشرط، فإن أبى من الوجهين جميعا فقيل: إنه يجبر على أن يعمل معه إن كان له مال إلا أن يبيع حظه بغير شرط فيقال للمبتاع ما قيل للبائع، وقيل: إنه يجبر على أن يبيع ممن يعمل معه، وهو قول ابن القاسم في هذه الرواية، وإن لم يكن له مال أجبر على بيع حظه ممن يعمل معه بشرط ألا يبذر فيبيعه بغير شرط قبل أن يباع عليه بالشرط فيقال للمبتاع ما قيل للبائع، وهذا على القول بأن البيع على هذا الشرط جائز، وهو مذهب ما في المدونة وقول ابن القاسم