للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ويكون أحق به وإن لم يعمره؟ فقال: نعم، ليست حاله حال المعادن.

قال محمد بن رشد: الموات الذي يستحقه الناس، بالإحياء لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من أحيا أرضا ميتة فهي له» هي الأرض الميتة لا نبات فيها، قال ذلك مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية ابن غانم عنه بدليل قول الله عز وجل: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [النحل: ٦٥] فلا يصح الإحياء إلا في البور، والإقطاع يكون في البور والمعمور إلا في معمور أرض العنوة التي الحكم فيها أن تكون موقوفة لا تقسم ولا تملك، فإذا أقطع الإمام القاضي أحدا شيئا من الأرض المعمورة فلا كلام في أن المقطع يستحقه بنفس الإقطاع، وكذلك إذا أقطعه شيئا من الموات ليحييه يستحقه بنفس الإقطاع فيورث عنه ويكون له أن يتصرف فيه بما شاء من بيع أو غيره، إلا أن للإمام أن يأخذه بإحيائه، فإن لم يفعل أو عجز عن ذلك أقطعه سواه، إذ ليس له أن يتحجر ما أقطع عن الناس فلا ينتفع به هو ولا سواه، والأصل في ذلك ما روي من «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقطع لبلال بن الحارث من العقيق ما يصلح للعمل فلم يعمله، فقال عمر بن الخطاب: إن قويت على عمله فاعمله وإلا فأقطعه للناس، فقال له: قد أقطعنيه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال عمر: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشترط عليك فيه شرطا، فأقطعه عمر للناس ولم يكن بلال اعتمل شيئا» فإن باعها أو وهبها أو تصدق بها بعد عجزه عن عمارتها قبل أن ينظر الإمام القاضي في ذلك نفذ ذلك ومضى، لأن الغرض ألا تبقى الأرض محجرة عن الانتفاع بها، والمبتاع والموهوب له والمتصدق عليه يحل محل البائع والواهب، فقوله في الرواية قلت: ويكون أحق بها وإن لم يعمرها؟ قال: نعم معناه أنه أحق بها إذا قال

<<  <  ج: ص:  >  >>