أنا أعمرها، وأما إن قال: لا أعمرها أو عجز عن عمارتها فللإمام أن يقطعها سواه، ولو أحياها سواه بعد أن عجز هو عن عمارتها بغير قطيعة من الإمام القاضي لجرى ذلك على الاختلاف فيمن أحيا ما قرب من العمران بغير إذن الإمام القاضي هل يمضي ذلك مراعاة للاختلاف في استئذان الإمام القاضي في إحياء ما قرب من العمران أو لا يمضي ويخرج عنها ويكون له قيمة بنيانه منقوضا. وأما لو أحياها سواه قبل أن يعجز هو عن عمارتها وهو عالم بذلك لكان متعديا عليه فيها لأنه قد استوجبها بنفس الإقطاع وإن لم يحزها بالعمارة ولا بالبناء خلاف ما تأول بعض الناس عليه ما وقع في رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب، وليس ذلك بتأويل صحيح حسبما ذكرناه هناك. وفي قوله فقال: نعم ليست حاله حال المعادن لما سأله هل يكون أحق به وإن لم يعمره نظر لأن الظاهر منه أن المعادن بخلافه في ذلك، وذلك يقتضي ألا يكون الأحق بالمعادن حتى يعمرها، والمعادن لا حق له في أصولها وإن عمرها لأن الإقطاع فيها إنما هو في الانتفاع بنيلها لا في أصولها، فإنما تصح المسألة بأن يعاد قوله: ليست حاله حال المعادن على السؤال الأول، وهو سأله عن الموات إذا أقطعه الإمام القاضي رجلا أيورث عنه أو يبيعه إن شاء؟ فقال: نعم، لا على المسألة التي بعدها الذي أعاده عليه. وقد مضى في رسم الأقضية الأول من سماع أشهب طرف من القول في حكم إقطاع المعادن، وبقية القول في ذلك في سماع يحيى من كتاب الزكاة، ولو أقطعه أصل المعدن بإفصاح لكان حكمه حكم إقطاع الأرض الموات سواء، وحد البعيد من العمران الذي يكون لمن أحياه دون إذن الإمام القاضي ما لم ينته إليه سرح ماشية العمران واحتطاب المحتطبين إذا رجعوا إلى المبيت في مواضعهم من العمران على ما حكى الداودي في كتابه من أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والخلفاء بعده كانوا يقطعون الأرضين التي جلا عنها أهلها بغير قتال ومن عفا الأرض ما لم تنله أخفاف الإبل في المرعى يريد إذا رجعت إلى المبيت في