مواضعها على ما جرت به عادة الرعاة، وقال أبو حنيفة: هو أن يصيح صائح في طرف العمران فلا يسمعه من ذلك المكان، وما ذكرناه من أن الإقطاع لا يكون في المعمور من أرض العنوة هو ظاهر ما وقع في كتاب الداودي، ومثله حكى ابن حبيب عن مالك من رواية ابن القاسم عنه. قال: لا أرى للإمام أن يقطع أحدا من أرض العنوة المعمورة شيئا، قال ابن القاسم: وإنما الإقطاع في أرض الموات وفيها الخطط مثل أفنية الفسطاط التي بقرب المصلى وبالموقف إذ كانت فلاة لم يكن فيها إلا الحصن فاختط المسلمون ما كان منها صحراء فنزلوه، وبقي الحصن والعمران لم يكن لأحد، ولم يكن فيه خطط، والخطط لا تكون في المعمور كما فسرت لك عن مالك، وإنما لم يجز أن يأذن الإمام القاضي للناس بالاختطاط في قرى العنوة التي لم تقسم أو يقطع أحد منها شيئا لأن عمر بن الخطاب قد أوقفها فيئا لجميع المسلمين ولم يجعلها في المقاسم، ورأيت للخمي أن إقطاعها جائز، وليس ذلك بصحيح على مذهب مالك. وحكم إحياء الموات يختلف باختلاف مواضعه، وهي على ثلاثة أوجه: بعيد من العمران، وقريب منه لا ضرر على أحد في إحيائه، وقريب منه في إحيائه ضرر على من يختص بالانتفاع به، فأما البعيد من العمران فلا يحتاج في إحيائه إلى استئذان الإمام القاضي إلا على طريق الاستحباب على ما حكى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون، وأما القريب منه الذي لا ضرر في إحيائه على أحد فلا يجوز إحياؤه إلا بإذن الإمام القاضي على المشهور في المذهب، وقيل: إن استئذان الإمام القاضي في ذلك مستحب وليس بواجب، واختلف إن وقع ذلك بغير إذن الإمام القاضي على القول بأنه لا يجوز إلا بإذنه، فقيل: إنه يمضي مراعاة للخلاف، وهو قول المغيرة وأصبغ وأشهب، وقيل: إنه يخرج منه ويكون له قيمة بنيانه منقوضا، وهو القياس، ولو قيل: إنه يكون له قيمته قائما للشبهة في ذلك لكان له وجه. وأما القريب منه الذي في إحيائه ضرر كالأفنية التي