تركه وكان أسوة الغرماء، وهي رواية أبي زيد عن ابن القاسم في هذا الكتاب.
وهذا إذا علم أن الصانع لم يأخذ أجرته ببينة قامت على ذلك، مثل أن يكون دفع إليه المتاع معمولا على أن يأتيه بأجرته بحضرة بينة.
وأما إن فلس والمتاع بيده معمولا فلا يصدق بعد التفليس أنه لم يدفع الأجرة على أصولهم في أن المفلس لا يجوز إقراره بعد التفليس.
وأما إن كان له فيها شيء قد أخرجه من ماله سوى العمل، مثل الصباغ يصبغ الثوب بصبغة أو الرقاع يرقع الثوب برقاعة أو الصيقل يجعل متاع السيف من عنده وما أشبه ذلك فلا اختلاف في أنه أحق بما أخرج من ذلك كله من عنده؛ لأنه قائم بعينه كالسلعة المبيعة يدركها البائع في التفليس قائمة لم تفت.
وأما عمل يده المستهلك فيكون أحق به على رواية أبي زيد التي ذكرناها، ولا يكون أحق به على رواية عيسى وهو المشهور في المذهب حسبما ذكرناه.
فيكون على قياس رواية أبي زيد إذا أبى الغرماء أن يعطوه جميع أجرته بالخيار بين أن يكون أسوة الغرماء بجميع أجرته، وبين أن يكون أحق بقيمة ما جعل في السلعة من عنده من صبغ أو رقاع وبقيمة عمل يده، يكون بذلك كله شريكا للغرماء في السلعة، بأن يقال كم قيمة السلعة غير معمولة؟
فإن قيل: عشرة، قيل: كم قيمة ما أخرج فيها من عنده وكم قيمة عمل يده؟
فإن كان قيمة ما أخرج فيها من عنده خمسة وقيمة عمل يده خمسة كان شريكا للغرماء فيها بالنصف، والقيمة في ذلك يوم الحكم على ما نص عليه في هذه الرواية.
وقد قيل: إنه يكون شريكا فيها بما زاد عمله فيها من صبغ أو غيره، قاله ابن القاسم في كتاب ابن المواز، وهو بعيد في القياس، إذ قد يزيد عمله فيها أضعاف قيمته وقد لا يزيد فيها إلا بعض قيمة عمله، وقد لا يزيد فيها شيئا، وقد ينقص من قيمتها، فالقياس أن يكون شريكا بقيمة ما أخرج من عنده من صبغ وعمل يوم يحكم بالغا ما بلغ، كما يأخذ البائع في التفليس سلعته إذا وجدها قائمة زادت قيمتها أو نقصت.
وأما على قياس رواية عيسى هذه وهو المشهور في المذهب فلا يكون إذا أبى الغرماء أن يعطوه جميع أجرته أحق إلا بقيمة ما أخرج من عنده، وهو الذي يكون به شريكا.