أسوة الغرماء وهو القياس، وقيل: إنه لا يكون له فيه شيء، وإنما يقال له أنت بالخيار بين أن تحاص الغرماء بجميع أجرتك، وبين أن تكون شريكا لهم في السلعة بقيمة ما أخرجت فيها من عندك خاصة دون عمل يدك، وهو ظاهر رواية عيسى هذه، ولا يحمله القياس.
ومسألة الغزل التي ساقها على هذه المسألة ومثلها بها صحيحة لا اختلاف أحفظه فيها ولا إشكال في شيء من معانيها، والحجة بها لإيجاب الشركة للصانع فيما أخرج من عنده بينة واضحة، ولم ير النسج في الغزل المبيع فوتا، ومثله البقعة تبنى.
وفي كتاب محمد أن الرجل إذا باع جلودا من رجل فقطعها المشتري نعالا ثم فلس فلا يكون البائع أحق بها؛ لأنها قد فاتت، ومثله حكى ابن حبيب في الواضحة عن أصبغ في الثوب يقطعه قميصا أو ظهائر، والخشبة يعمل منها توابت وأبوابا.
والفرق عندهم بين ذلك وبين الغزل ينسج والبقعة تبنى أن البقعة والغزل قائم بعينه إلا أنه قد زيد فيه غيره، والقطع في الثياب والجلود نقصان فيها وإفاتة لها.
وقد وقف مالك في رواية مطرف عنه في الثياب تقطع فقال: ما أدري ما هذا لو كانت أدما فقطعت خفافا أو نعالا وتفاوت هذا لم أره شيئا، وإن كان شيئا متقاربا لم يأت فيه فوت فأراه أحق به من الغرماء.
والذي يوجبه عندي فحص القياس على ما أجمعوا عليه في الجارية يصيبها عور أو عمى أو الثوب يخلق أو يبلى أن صاحبه أحق به إن شاء أن يأخذه بجميع الثمن أن لا يكون القطع في الثياب ولا في الجلود فوتا، وأن يكون لصاحبها أن يأخذها مقطوعة ناقصة بجميع الثمن إن شاء، وأن يكون شريكا مع المبتاع فيها بقيمة الخياطة والعمل إن لم يأت حتى خيطت الثياب أو عملت النعال من الجلود، إلا أن يكون القطع فيها فسادا لها مثل أن يقطع الثوب تبابين وهو لا يقطع من مثله تبابين، أو الجلد نعالا وهو لا يقطع من مثله نعال، فيكون ذلك فوتا فيها بمنزلة البلى والفساد في الثوب إذا تفاحش جدا.
وإذا كان عور الجارية أو نقصان الثوب من جناية قد أخذ لها المبتاع ثمنا نصف ثمنهما مثلا فإن صاحبها الغريم مخير بين أن يأخذها بنصف حقه ويحاص الغرماء بالنصف الباقي أو يتركها ويحاص الغرماء بجميع حقه، إلا أن يشاء الغرماء أن يدفعوا إليه حقه كاملا