والقول الأول أصح أن يحلفوا جميعا فيستحق كل واحد منهم بيمينه قدر حقه مما حلف عليه، كما يحلف جميع الورثة إذا لم يكن عليه دين فيستحق كل واحد منهم بيمينه قدر حقه مما حلف عليه. وكما يحلف جميع الغرماء مع الشاهدين للميت.
وقال في هذه المسألة: إن الغرماء يحلفون مع شاهدهم ويستحقون حقوقهم. فالظاهر من قوله أنه بدأ الغرماء بالأيمان على الورثة، وفي هذا تفصيل.
أما إذا كان فيما ترك المتوفى فضل عن ديون الغرماء فلا اختلاف في أن الورثة يبدءون بالأيمان، فإن حلفوا بطل دين الميت واستحقوا ما فضل عن ديون الغرماء، وإن أبوا أن يحلفوا حلف الغرماء واستحقوا حقوقهم وحلفت المرأة فاستحقت في دينها ما فضل عن ديون الغرماء، إذ قد نكل الورثة أولا عن اليمين.
وإن نكل الغرماء أيضا عن اليمين حلفت المرأة فاستحقت دينها وحاصت الغرماء في جميع ما يخلفه المتوفى.
وأما إن لم يكن فيما ترك المتوفى فضل عن ديون الغرماء فاختلف قول مالك فيمن يبدأ باليمين إن كان الورثة أو الغرماء، فالظاهر من قوله في موطأه إن الورثة يبدءون باليمين، وروى ابن وهب عنه أن الغرماء يبدءون باليمين وهو اختيار سحنون وعليه تأول قول مالك في موطأه، فقال: إنما بدأ الورثة باليمين من أجل أن الغرماء لم يحلفوا بعدما قبضوا ديونهم، ولو كانوا قد حلفوا لكانوا هم المبدئين باليمين، وهو تأويل بعيد.
والصواب: أن ذلك اختلاف من قول مالك، والاختلاف في هذا جار على اختلافهم في تعليل الدين الثابت على المتوفى، هل هو متعين في تركة الميت أو في ذمته؟
فمن علل أنه متعين في ذمة الميت بدأ الورثة باليمين، ومن علل أنه متعين في عين التركة بدأ الغرماء باليمين.
وهذا الاختلاف في التعليل لا يرجع إلى الاختلاف في الحكم.
ووجهه: أن الميت لا يطرأ له مال إلا في النادر، فمن راعى ذلك النادر قال: دين المتوفى متعين في ذمته؛ لأنه إن تلف ما تخلف من المال وطرأ له مال لم يعلم به كان الدين فيه باتفاق، ومن لم