قال: يتحاصون في العشرين دينارا على قدر ما ادعى كل واحد منهم إن كان عدد ما ادعى كل واحد منهم أدنى من عشرين دينارا.
قال ابن القاسم: ولا أرى لمن ادعى قبله أكثر من عشرين دينارا في عشرين دينارا شيئا.
قال مالك: وأرى أن لا يعجل في العشرين دينارا حتى يعلم كل من يدعي قبله شيئا.
قال: ولا يشاع هذا الأمر ولا يفشى ولا يستتر به.
قال ابن القاسم: والدين الذي تكون عليه بينة مبدأ على العشرين دينارا.
وفي سماع محمد بن خالد قال ابن القاسم: قال مالك في رجل حضرته الوفاة، فقال عند موته: إنني كنت لابست الناس ووقعت بيني وبينهم ديون، فمن جاء يدعي قبلي شيئا من دينار إلى خمسة وعشرين دينارا فاقضوه إياه: إنه إن جاء أحد يطلب كما ذكر صدق مع يمينه وكان ذلك من رأس ماله.
قال الإمام القاضي: قوله في الذي يوصي فيقول من جاء يدعي قبلي من دينار إلى عشرين دينارا فاقضوه بغير بينة، إن العشرين تخرج من رأس ماله دون زيادة عليها، فيتحاص فيها كل من ادعى أدنى من عشرين صحيح في المعنى.
والوجه في ذلك أن لفظة من في قوله من جاء يدعي قبلي من كذا إلى كذا، يحتمل أن تكون بمعنى الشرط فيقتضي العموم ويكون بمنزلة قوله كل من جاء يدعي قبلي من كذا إلى كذا فاقضوه، ويكون المعنى المفهوم من إرادته أنه علم أن عليه لجماعة لا يعرف عددهم حقوقا دون العشرين فأراد أن يقضي كل من ادعى أن له عليه أدنى من عشرين ليتخلص من جميع ما عليه من الديون، ويحتمل أن تكون لفظة من في قوله من جاء يدعي قبلي من كذا إلى كذا بمعنى الذي، فلا تقتضي العموم، ويكون ذلك بمنزلة قوله الرجل الذي يدعي قبلي من كذا إلى كذا فاقضوه، ويكون المعنى المفهوم من إرادته أنه علم أن عليه حقا دون العشرين لرجل واحد لا يعرف عينه ولا اسمه، فأراد أن يقضي ذلك