بصدره، أو قاله مرة ثم رجع عنه على بصيرة وعلم إلى ما كتبت عنه في سؤالي إياه.
قال محمد بن رشد: قوله: وقد قال بعض الناس، هو أشهب، والله أعلم.
وقد حكى ابن المواز عنه فيمن ابتاع عبدا بيعا فاسدا فأعتقه، وقيمته أكثر من الثمن، وليس له غيره، فإنه يباع منه قدر الثمن فقط؛ لأن القيمة إن كانت أكثر، لم يلزمه إلا بعد القبض ولكن يتبع بالزائد، فقال: إن ذلك من قوله رجوع منه إلى أصل ابن القاسم في غريم قبل غريم، وليس ذلك من قوله بصحيح؛ لأنه إنما تكلم على أن المبتاع أعتق العبد وهو في يد البائع قبل أن يقبضه، وما كان بيده فهو رهن بالثمن الذي وقع البيع به، فلا يصح أن يدخل عليه فيه بحال، ولو أعتقه بعد القبض لنفذ عتقه على أصله، واتبع بالقيمة دينا في ذمته، فلم يختلف قول أشهب فيمن أعتق عبده وعليه دين لا يستغرقه، ثم استدان دينا بعد العتق فدخل الغرماء الآخرون على الأولين فيما بيع لهم من العبد أنه يباع لهم منه ثانية بقدر ما أخذ منهم ثم إن دخلوا عليهم في ذلك بيع لهم منه ثالثة بقدر ما أخذ منهم، وهكذا أبدا حتى تستوفي الديون جميعا أو تستغرق بيع العبد، ولا اختلف قول أصبغ في أنه لا يباع للغرماء الأولين ثانية ما انتقصهم به الآخرون واختلف في ذلك قول ابن القاسم، فكان أولا يقول مثل قول أشهب، ثم رجع فقال: إنه يباع من العبد بقدر ديون الأولين فيدخل عليهم في ذلك الغرماء الآخرون، ولا يباع للأولين إلا قدر ما بيع لهم أولا، واختلف في ذلك أيضا قول مالك، فمرة قال: إنه لا يباع للغرماء الأولين ثانية بما انتقصهم به الغرماء الآخرون، ومرة قال: إنه يباع لهم منه بذلك أبدا حتى تستوفى جميع الديون، أو تستغرق بيع جميع العبد.
وهذا القول هو الذي رجع إليه مالك على ما حكاه ابن كنانة وابن نافع عنه في المدونة. وحكى ابن القاسم عنه فيها أن القول الآخر هو الذي رجع إليه، وأقام عليه.
حكى عنه القولين فيمن دبر عبده وعليه دين لا يستغرقه، ثم استدان بعد التدبير دينا آخر. ولا فرق في هذا بين التدبير والعتق والصدقة والحبس والهبة.