للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله في المدونة خلاف قول مالك فيها من أن ذلك يجوز في الرباع والأصول، ولا يجوز في الحيوان والثياب، إذ لا يدري كيف يرجع ذلك؟ واحتج ابن القاسم عليه في قوله: إذ لا يدري كيف يرجع ذلك؟ بأن الإجارة في ذلك جائزة، وإن لم يدر كيف ترجع، ولا حجة على مالك في ذلك؛ لأنه لم يكره ذلك من ناحية الغرر في الإجارة، كما ظن ابن القاسم، وإنما كرهه من ناحية الغرر في الرهن، إذ لا يدري ما تكون قيمته بعد استعماله، قال أبو إسحاق التونسي: فيأتي على قوله في هذه المسألة: إنه لا يجوز رهن الغرر، مثل الثمرة التي لم يبد صلاحها والزرع الذي لم يبد صلاحه في أصل البيع خلاف ظاهر الروايات في ذلك، في المدونة وغيرها وكره ذلك مالك في المدونة ولم يقل ماذا يكون الحكم فيه إذا وقع، ويتخرج في ذلك أربعة أقوال: أحدها: إنه يفسد البيع والرهن، فلا يكون أحق به من الغرماء، والثاني: إنه يفسد البيع ولا يبطل الرهن، فيكون رهنا بالأقل من القيمة أو الثمن، والثالث: إنه لا يفسد البيع ولا الرهن، وإنما يكره ذلك ابتداء، فإذا وقع نفذ ومضى، وهو الظاهر من مذهب مالك في المدونة، والرابع: إنه يصح البيع ولا يفسد، ويبطل الرهن، فلا يكون أحق به من الغرماء. وما قاله أبو إسحاق التونسي من أنه يأتي على قياس قول مالك في هذه المسألة، إنه لا يجوز رهن الغرر، مثل الثمرة التي لم يبد صلاحها في أصل البيع ليس بصحيح، والصواب جواز الثمرة التي لم يبد صلاحها في أصل البيع وفيما بعده، والفرق بين المسألتين، أن الغرر في هذه المسألة في الرهن إنما كان غررا فيما شرطاه فيه من الشرط الفاسد، وذلك مثل أن يشترط أنه إن جاءه بحقه إلى أجل كذا وكذا، وإلا فالرهن له بما فيه، أو مثل أن يشترط أنه رهن بيده إلى أجل كذا وكذا، فإذا انقضى الأجل، خرج الرهن من أن يكون رهنا وما أشبه ذلك. والثمرة التي لم يبد صلاحها، لا صنع لهما فيها، ولا يقدران على رفع الغرر عنها. وهذا هو المشهور في المذهب، أن ارتهان الثمرة التي لم يبد صلاحها جائز في أصل العقد. وفي المبسوطة لمالك من رواية ابن القاسم عنه أن ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>