للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجوز، وأما ارتهان ما في بطون الإناث، فلا يجوز على ما في كتاب الصلح من المدونة. وأجاز ذلك أحمد بن عيسى، وهذا الاختلاف إنما هو إذا كان الارتهان في أصل البيع، وأما ارتهان ذلك بعد عقد البيع، فلا اختلاف في جوازه. وحكى عبد الحق عن الشيخ أبي الحسن، أنه قال: إنما كره مالك في الثياب؛ لأنها تضمن في الرهن، ولا تضمن في الإجارة، فكره اجتماعهما للشك فيما يكون الحكم فيها لو ادعى المرتهن تلفها، قال: وأما الحيوان، فقد اختلف قوله في وجوب ضمانها على المرتهن إذا ادعى تلفها، فلعل قوله في هذه المسألة على قوله في أن المرتهن ضامن للحيوان، وليس قوله بصحيح؛ لأن مالكا قد بين أنه إنما كره ذلك من أجل أنه لا يدري كيف يرجع إليه الدابة أو الثوب؟ ولو ادعى المرتهن تلف الثوب لوجب أن يغلب في ذلك حكم الرهن، فلا يصدق في تلفه. وقد قال أبو إسحاق التونسي: إن الذي ينبغي في ذلك أن ينظر إلى القدر الذي يذهب منه بالإجارة، مثل أن يقال: إذا استؤجر شهر، أينقصه الربع؟ فيكون قدر ربعه غير مضمون، ولأنه مستأجر، وثلاثة أرباعه مضمونة؛ لأنه مرتهن، وليس ذلك بصحيح؛ لأنه لم يستأجر منه ربع الثوب، وارتهن ثلاثة أرباعه، فيكون ما ذكر هو الحكم فيه. وإنما ارتهن جميعه، واستأجر جميعه، فإما أن يحكم له في دعوى الضياع بحكم الإجارة، وإما أن يحكم له بحكم الرهن. والصواب ما ذكرناه، من أن يغلب فيه حكم الرهن، فلا يصدق فيما ادعى من تلفه، ويغرم قيمته على ما هو عليه يوم يحكم عليه بضمانه، فإن ادعى ضياعه بقدر ارتهانه إياه قبل استعماله، غرم قيمته على ما كان عليه يوم رهنه إياه، وسقط عنه ذلك القدر من الإجارة، ونظر ذلك القدر كم هو من الجملة؟ فيرجع بجزئه من قيمة ثوبه المبيع، أو يشاركه فيه إن كان قائما على اختلاف في ذلك لضرر الشركة، وإن ادعى ضياعه بعد انقضاء الأجل الذي شرط الانتفاع به إليه ضمن قيمته ناقصا على ما يقدر أن الاستعمال نقصه، وتلزمه الإجارة، ولا يصدق إن ادعى بعد حلول الأجل أنه تلف قبل ذلك على مذهب ابن القاسم لأنه يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>