للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمنزلة حرية رقبته، ليس لأحد أخذه بغير حق، وكذلك لو كان جرح، فأخذ له السيد عقلا، ثم استحق حرا؛ فإنه يرجع على السيد بما كان أخذ من عقل جراحه؛ لأنه لم يكن ضامنا له لو مات عنده لرجع على بائعه بالثمن؛ إذا علم أنه حر، فإن قال قائل: فما بال الخراج والعمل والخدمة لا تكون بمنزلة الانتزاع يرجع به أيضا؛ لأنه كان في جميع ذلك لا يضمنه، وكان يرجع بالثمن إن هلك عنده إذا علم بحريته؟ فليس كما قال فرق بين ذلك، أن كل من اشترى عبدا فإنما يشتريه للغلة والمخارجة والخدمة والعمل، ولذلك يتخذ الناس العبيد، لأخذ أموالهم، لا ليعرضوهم الجنايات، ليأخذوا لها عقلا، وجل العبيد الذين يباعون ويشترون ويملكون، ليست لهم أموال، وإنما يكون ذلك من الخاص من العبيد. فهذا فرق ما بينهما عندي، والله أعلم.

ولكن لو كان مشتريه وهب له مالا أو جارية أو شيئا ثم استحق حرا، كان للسيد أن يأخذ ذلك كله؛ لأنه يقول: إنما أعطيته ذلك حين كنت أرى أنه عبدي أستطيب بها نفسه لينصحني، وليحفظ عليّ مالي، وما أفاده عنده أيضا مما استتجره به، فإن له أن يأخذه؛ لأنه يقول: إنما هو فضلة مالي به اكتسبه، ولأني استتجره بمالي يوم استجرته به، وتركته في يديه يوم تركته، وأنا أرى أنه عبد وأنه مالي؛ إذا ما شئت انتزعه، فأراه يرجع عليه به، بمنزلة ما وهب له؛ لأنه إنما أفره بيده، بعد اكتسابه إياه، فكأنه هبة منه له، فأرى له أن يرجع فيه كما يرجع بغيره، مما وصفت لك، والله أعلم. قال ابن القاسم: وذلك إذا استتجره لنفسه، فله أن يأخذ الفضل، وأما إذا قال له: خذ هذا المال فاتجر به لنفسك، فلا أرى له أكثر من رأس ماله.

قال محمد بن رشد: قوله في هذه المسألة: إن الكتابة كالخراج،

<<  <  ج: ص:  >  >>