قال محمد بن رشد: سؤاله في أول هذه المسائل عمن قضى عن رجل بغير أمره دراهم عن دنانير لغريمه، هل يقضي من قضى عنه الدنانير التي كانت عليه أو الدراهم التي قضاها عنه؟ فلم يجبه على ذلك بجواب بين، إذ عدل في الجواب عما سأله عنه، إلى ما قاله من أنه لا يحل أن يقضي رجل عن رجل دراهم ويأخذ منه دنانير، والجواب البين في ذلك أن يرجع على الذي قضاه بما دفع إليه من الدراهم، وتبقى الدنانير عليه لصاحب الحق كما كانت؛ لأنه قضاء فاسد، ولا اختلاف في هذا عندي إذا قضاه بغير أمره، وإنما اختلف إذا أمره أن يقضي عنه دنانير لغريمه، فقضاه دراهم أو أمره أن يقضيه قمحا فقضاه ثمرا هل يرجع عليه بما أمره به من الدنانير والقمح بما دفع من الدراهم والثمر؟ فقال: إنه يرجع بما ابتاع من القمح والدنانير، ومرة جعله مصالحا عن الذي عليه الحق بما دفعه إلى غريمه عنه من الدراهم أو الثمر فقال: إنه يرجع بالدراهم أو الثمن الذي دفع، إلا أن يشاء الآمر أن يدفع إليه ما كان عليه، يكون مخيرا في ذلك، وهو معنى قول مالك في كتاب المديان من المدونة؛ لأنه يربح في السلف، ولو بين، فقال:؟ أصارفك لنفسي في الذهب الذي لك بهذه الدراهم، وأنا أبتاع منك القمح الذي لك بهذا الثمر، لوجب أن يرجع بالدنانير وبالقمح قولا واحدا. وكذلك لو بين أيضا فقال: أنا أصالحك عن الذي عليه الدنانير والقمح، بهذه الدراهم، أو بهذا الثمر، لوجب أيضا أن يرجع بالدراهم والثمر قولا واحدا، إلا أن يشاء الآمر أن يدفع إليه ما كان عليه؛ لأن من حقه أن يقول: لا أرضى بهذا الصلح، إذ لم آمرك، فإنما يرجع الخلاف في هذه المسألة إلى ما يحمل عليه الآمر عند الإبهام. ومن أهل النظر من ذهب إلى أن يجبر الآمر. قول ثالث في المسألة، وليس ذلك عندي بصحيح. وتحصيل الخلاف في المسألة في جواز القضاء فيها قولين، أحدهما: إنه لا يجوز، ويفسخ من