أجل الخيار الذي للآمر، فلا يدري المأمور بما رجع، والثاني: إنه يجوز ولا يفسخ من أجل أنه خيار أوجبه الحكم، لم يدخلا عليه فلا تأثير له في صحة القضاء، فقوله في هذه الرواية ولو كان صالح صاحب الحق بدنانير يدفعها عنه، يريد: في دراهم عليه رجع عليه أيضا بدراهم صحيح، لا اختلاف فيه عندي لأنه قد بين أنه إنما دفع الدنانير عن الذي عليه الحق صلحا عنه فيما كان عليه من الدراهم، بخلاف المسألة التي قبلها، إذا قال له: اقضه عني دنانير، فأعطاه دراهم، تلك هي مسألة الخلاف، إذ لم يبين على أي وجه دفع الدنانير عن الدراهم؟، إن كان على وجه الصلح عن الآمر، وعلى وجه المصارفة لنفسه. وقوله فيمن لزم رجل بصاع من قمح، فقضى رجل عنه ثمرا إنها مثل الأول، يريد: إنها مثلها في أنه قضاء يجب فسخه على ما بيناه، من أجل أنه لم يأمر به. وقوله: فإن كان إنما أحاله على رجل بقمح يعطيه إياه فأعطاه فيه ثمرا صالحه عليه، فليس له أن يرجع عليه إلا بثمر، خلاف قوله في المسألة التي قبلها، وهي إذا قال اقضه عني دنانير فأعطاه بها دراهم، فله دنانير، إذ لا فرق بين أن يقضي دنانير عن دراهم، أو ثمرا عن قمح، إلا أن يفرق بينهما من أجل أنه في مسألة الدنانير مأمور لا حميل، وفي مسألة القمح حميل؛ لأنه لما أحاله عليه وهو لا دين عليه، كان حميلا. وقد فرق في المدونة في أحد أقاويله بين الحميل والمأمور، ووجه الفرق بينهما أن الحميل إنما تحمل على أن يؤدي إلى الطالب ماله على المطلوب ويتبعه بما أدى على أن يشتري ما للطالب على المطلوب، فيتبع به المطلوب، فوجب أن يحمل أمره عند الإبهام على ما علم من قصده أو لا. فيتحصل في المأمور والكفيل يدفع أحدها دنانير عن دراهم، أو دراهم عن دنانير، أو قمحا عن ثمر أو ثمرا عن قمح ثلاثة أقوال: أحدها: أن يرجع على المطلوب بما أدى إلى الطالب، إلا أن يأبى المطلوب أن يعطي إلا ما عليه، والثاني: أن يرجع عليه بما كان للطالب عليه. والثالث: الفرق بين الكفيل والمأمور، فيرجع الكفيل على المطلوب بما أدى إلى الطالب، ويرجع المأمور عليه بما كان للطالب عليه.