للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانية؛ لأن التقصير جاء من قبله، إذ لم يشهد على براءة منها حين دفعها الحميل، وإن كان بعلمه وبحضرته. قال: ولو كان الحميل دفعها ولم يشهد ولم يحضر الذي عليه الحق حين دفعها الحميل، كان لها ضامنا؛ لأنه هو أهلكها حين لم يشهد على دفعها. ولو أن الحميل دفعها من ماله نفسه، بحضرة الذي عليه الحق، ثم جحد الذي قبضها أن يكون قبض شيئا والذي عليه الحق يشهد أنه قد دفعها إليه أخذت من الذي عليه الحق، إن كان موسرا ولم يتبعه الحميل بشيء من العشرة التي دفع، وكانت مصيبة العشرة الأولى من الحميل، ولو كان الذي عليه الحق دفعها بحضرة الحميل، ولم يشهد، ثم جحد الذي قبضها، فإنها تؤخذ منه ثانية إن كان موسرا، أو إن كان معسرا أو غائبا فأخذت من الحميل، لم يرجع الحميل على الذي عليه الحق، بقليل ولا بكثير؛ لأنها مظلمة دخلت عليه. وهو يعلم أن الذي عليه الحق قد دفعها.

قال محمد بن رشد: قوله: إن الحميل إذا دفع العشرة إلى الطالب من مال المطلوب بحضرته دون إشهاد، فأنكر الطالب إنه لا ضمان في ذلك على الحميل الدافع؛ لأن التقصير كان من المطلوب الذي له المال إذا لم يشهد، بخلاف إذا كان الدفع بغير حضرته صحيحا، على معنى ما في كتاب القراض من المدونة من المقارض يدفع ثمن سلعة اشتراها إلى البائع بحضرة رب المال، فيجحد البائع الثمن، فلا ضمان على الدافع، وغرمها المطلوب ثانية، بعد عين الطالب الجاحد، فإن كان عديما أو غائبا فأخذت من الحميل ثانية، لم يرجع الحميل بها على المطلوب، لعلمه أنه لا شيء قبله، كما كان إذا دفعها المطلوب من ماله بحضرة الحميل، فجحدها الطالب، فأخذت من الحميل ثانيا لعدم المطلوب، ولقيمته إنه لا يرجع بها على المطلوب، لعلمه أنه قد أداها فلا شيء عليه منها، وهو على قياس رواية عيسى عن ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>