القاسم في رسم استأذن من سماعه من كتاب الاستحقاق، في الذي يستحق من يديه العبد وهو يعلم أنه من تلاد البائع، إنه لا رجوع له عليه، فيدخله في الخلاف ما في تلك، حسبما مضى القول فيه هناك، وإن دفعه بغير حضرته، فهو ضامن لرب المال، ويسوغ له تضمينه، وإن علم أنه جحد أنه أتلفه عليه، إذ لم يشهد على دفعه. وأما إذا دفع الحميل العشرة من ماله إلى الطالب بحضرة المطلوب، ولم يشهد، فجحد القابض، فقال في هذه الرواية: إن مصيبة العشرة الدنانير من الحميل الدافع لها؛ لأنه هو أتلفه على نفسه، إذ لم يشهد على دفعها، فلا يرجع بها على المطلوب، وتؤخذ العشرة من المطلوب، فإن لم تؤخذ منه على قوله، وأخذت من الحميل ثانية، رجع بها على المطلوب. وقال في سماع أبي زيد: إنه إن أخذت من الحميل ثانية بحضرة المطلوب أيضا، رجع عليه بعشرين، فإن لم تؤخذ منه ثانية على قوله، وأخذت من المطلوب، رجع بالعشرة الأولى على المطلوب. والمعنى فيما ذهب إليه في رواية أبي زيد هذه، أنه رأى أن التقصير في ترك الإشهاد على الدفع، كان على المطلوب، إذا أداها بحميل عنه بحضرته إلى الطالب، فجحدها؛ لأن تلفها كان منه، بتضييعه الإشهاد، فوجب أن يرجع بها عليه. ورأى في رواية عيسى عنه، أن التقصير في ترك الإشهاد على الدافع، كان من الحميل؛ لأن المال ماله، لا من المطلوب الحاضر، فلم ير له بها عليه رجوعا من أجل أنه هو أتلفها على نفسه، وهو الأظهر؛ لأن المال ماله، فهو أحق بالإشهاد على دفعه من المطلوب، وإن كان حاضرا. فهذا معنى اختلاف قول ابن القاسم في هذه المسألة. وقد ذهب بعض الناس إلى أن رواية أبي زيد تأتي على قياس قول ابن وهب وأشهب في سماع عبد الملك بعد هذا، إلا أنه أرجع الحميل على المطلوب بما أدى عنه، وإن علم أنه لا يجب عليه شيء، من أجل أنه أدى عنه بعلمه ما تحمل به عنه بأمره، كما أرجع ابن وهب وأشهب، الحميل على صاحبه بما تحمل عنه بأمره، وإن علم أن ذلك لا يجب عليه، وأن رواية عيسى في هذه المسألة،