للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن مالك في أن نصيب الصغار يجوز في الصدقة، روى أشهب عنه في كتاب الصدقات والهبات في رسم الوصية، وقاله ابن وهب أيضا في سماع عبد الملك من الكتاب المذكور، فلا اختلاف في أن نصيب الصغار يبطل في الحبس إذا لم يحزه الكبار، قال ابن حبيب في الواضحة، عن المدنيين والمصريين جميعا: إلا أن يكون الأب قسم ذلك في أصل التحبيس والصدقة أو بعده فحاز نصيب الصغار فإنه يجوز لهم ما حازه لهم، وفي ذلك نظر سنذكره إن شاء الله في رسم المكاتب من سماع يحيى من كتاب الصدقات والهبات.

ووجه تفرقة مالك في ذلك بين الحبس والصدقة هو ما قاله في رواية علي بن زياد عن مالك في المدونة من أن الحبس لا يقسم ولا يجزأ، والمعنى في ذلك عندي: أن الحبس ليس للصغار منه جزء معلوم فتصح قسمته بينهم وبين الكبار؛ لأنه كلما مات منهم ميت من الصغار أو الكبار رجع حظه على من بقي منهم، فلما لم يكن حظ الصغار منهم معروفا لم يكن الأب حائزا له، ولو كان الحبس على ابنين له بأعيانهما أحدهما صغير والآخر كبير فلم يحز الكبير منهما الحبس لوجب أن يجوز حظ الصغير من ذلك عند مالك على القول؛ لأن من مات منهما لا يرجع حظه على صاحبه ويرجع إلى المحبس أو إلى أقرب الناس به، وقاس ابن القاسم - رَحِمَهُ اللَّهُ - الصدقة والهبة على قول مالك في الحبس فأبطل نصيب الصغار منه إذا لم يحزه الكبار، والمعنى في ذلك عنده أنه لما تصدق على من يحوز له وعلى من يحوز لنفسه وقد علم أن من حق الذي يحوز لنفسه أن يقاسمه فيحوز لنفسه كان إنما تصدق على أن يحوز لبنيه الصغار مقسوما فلم يجز أن يحوز لهم مشاعا وأجاز أن يحوز لبنيه الصغار مشاعا ما وهبه لهم مشاعا إذا لم يعمل على أن يحوز لهم مقسوما، فأجاز إذا تصدق عليهم بنصف غنمه أو دوابه وأبقى النصف الثاني لنفسه أو وهبه في السبيل أن يحوز لهم النصف الذي تصدق به عليهم على الإشاعة إذ لم يعمل على أن يحوزه لهم مقسوما.

<<  <  ج: ص:  >  >>