ومعنى ما ذهب إليه مالك أنه أجاز أن يحوز لبنيه الصغار على الإشاعة ما وهبه لهم أو تصدق به عليهم على الإشاعة، كانت إشاعتهم مع نفسه أو مع من يقوم بالحيازة لنفسه من كبير أو مع من لا يقوم بها لنفسه مثل السبيل أو المساكين غير المعينين، وأصبغ لا يجيز أن يحوز لبنيه الصغار ما تصدق به عليهم أو وهبه إياهم مشاعا إلا مقسوما بكل حال، كانت إشاعتهم مع نفسه أو مع من يقوم بالحيازة لنفسه من كبير أو مع من لا يقوم بها من سبيل أو مساكين غير معينين على ما يأتي في رسم البيوع من سماع أصبغ من كتاب الصدقات والهبات، فهي ثلاثة أقوال: قول مالك وقول ابن القاسم وقول أصبغ.
والحبس خارج عن هذا كله لا اختلاف في أنه إذا حبس على بنيه الصغار والكبار فلم يحز الكبار يبطل نصيب الصغار من أجل أن القسمة فيما بينهم لا تصح من أجل أنه لا يثبت نصيبهم على شيء واحد.
واختلف قول مالك فيمن تصدق على ابنه الصغير بعدة من غنمه أو خيله دون مسماة ولا موسومة فمرة رآها كالجزء المشاع لأن الحكم يوجب له الشركة فيها بما يقع للمتصدق بها من جملتها، فأجاز حيازتها له وإن لم يقسمها ولا وسمها.
ومرة لم يرها كالجزء المشاع، إذ ليس لشريك له فيها حتى يشتركا فيها، فلم يجز حيازته له فيها حتى يقسمها ويسميها أو يسمها، فمن لم يجز حيازته له إذا وهبه جزءا إلا بعد المقاسمة فأحرى ألا يجيز حيازته له إذا وهبه عددا إلا بعد المقاسمة، ومن حيازته له إذا وهبه عددا فأحرى أن يجيزها له إذا وهبه جزءا، فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال: إجازة حيازته له في الموضعين والمنع من ذلك في الموضعين والتفرقة بينهما، وبالله التوفيق.
وقد اختلف إذا تصدق على بنيه الصغار والكبار فحاز الكبار لأنفسهم وحاز هو للصغار، فروى عن ابن القاسم أنه يبطل كله، وهو على أصله الذي ذكرناه. وقال ابن المواز: يجوز كله. وهو الذي يأتي على أصل مالك الذي ذكرناه.