عتق عبد آخر في مرضه وأوصى بعتق آخر بعد الموت وتزوج في مرضه ودخل بها وأوصى بالزكاة فقال: تعطى المرأة صداق مثلها من الثلث، ثم يعتق المدبر الذي كان في الصحة، ثم الزكاة، ثم المبتول والمدبر في المرض، فإن بقي من الثلث شيء عتق فيه الموصى له بالعتق بعد الموت، قال: ولو اختلف المدبر والمبتول فكان أحدهما قبل صاحبه بدأ بالذي كان قبل بعد أن يخرج المدبر في الصحة والزكاة، ثم إن بقي بعد ذلك شيء عتق فيه الموصى له بالعتق بعد الموت، وقال في المدبر في الصحة هو مبدأ على الزكاة وعلى جميع العتق الذي يكون في المرض إلا أن يكون معه مدبرون دبرهم في صحته فإنه يبدأ الأول فالأول.
قال محمد بن رشد: ظاهر قوله تعطى المرأة صداق مثلها من الثلث أنه إن كان أصدقها أكثر من صداق مثلها بطل الزائد على صداق مثلها، وهو ظاهر ما في كتاب الأيمان بالطلاق من المدونة، وقيل: إنه يحاص به أهل الوصايا ولا يبدأ، وهو قول أصبغ، وروي ذلك عن ابن القاسم، وقيل إنه يبدأ وهو قول مالك في رسم الطلاق من سماع أشهب من كتاب الوصايا، وروى مثله عنه ابن نافع وعلي بن زياد وابن عبد الحكم، وهو قول ابن الماجشون واختيار سحنون.
وفي قوله: إنه يعتق المدبر الذي كان في الصحة بعد ذلك اختلاف، قيل: إنه يبدأ المدبر في الصحة على صداق المريض، وهو قول ابن القاسم في العشرة، وقد روى عنه أنهما يتحاصان.
فالثلاثة الأقوال كلها لابن القاسم، ولكل قول منها وجه، فوجه قوله في هذه الرواية إنه يبدأ صداق المريض على المدبر في الصحة هو أن صداق المريض حق للزوجة في استمتاعه بها يقضى لها به عليه شاء أو أبى، سمى