لها صداقا أو لم يسمه، فهو أوجب من التدبير الذي أوجبه على نفسه باختياره لا عوضا عن شيء، ووجه القول بأنه يبدأ المدبر في الصحة على صداق المريض هو أن التدبير عقد من عقود الحرية، فوجب أن يبدأ العتق اتباعا لما روي من أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أمر أن يبدأ العتق على الوصايا» ، فعم ولم يخص، ومن طريق المعنى أن المدبر في الصحة لما كان هو المتقدم اتهم المريض على القصد لإبطاله، وليس لمن دبر عبدا في صحته أن يدخل عليه ما يرد تدبيره، ألا ترى أنه إذا دبر عبدا بعد عبد يبدأ الأول على الثاني، ووجه القول بأنهما يتحاصان أنه لنا كان لهذا مزية من وجه، ولهذا مزية من وجه آخر، استويا في التأكيد، فوجب أن يتحاصا.
وإنما قال: ثم الزكاة ثم المبتول والمدبر في المرض وإن بقي من الثلث شيء عتق فيه الموصى له بالعتق بعد الموت؛ لأنه إنما تكلم عن ما سأله عنه؛ لأن هذا هو عنده حكم ترتيب الوصايا في التبدية؛ لأن من مذهبه أن عتق الظهار وقتل النفس يبدآن بعد الزكاة، ثم بعد ذلك كفارة اليمين، ثم كفارة الفطر في رمضان متعمدا، ثم كفارة التفريط، وهذا دليل ما في كتاب الصيام من المدونة، وقد قيل: إن الطعام لقضاء رمضان يبدأ على كفارة اليمين عند ابن القاسم. والأول أظهر، ثم النذر قاله ابن أبي زيد، يريد في الصحة، ثم بعد ذلك العتق المبتل في المرض، والمدبر في المرض، ثم بعد هذا كله الموصى بعتقه بعينه، والذي أوصى أن يشترى بعينه فيعتق، وجعل ابن الماجشون العتق المبتل في المرض بعد صداق المريض وبعد المدبر في الصحة فبدأهما جميعا على الزكاة التي فرط فيها وأوصى بها، وهو أظهر من قول ابن القاسم؛ لأنه يتهم على إبطال ما دبر أو أعتق في مرضه بما أوصى به من أنه فرط فيه من زكاة ماله، وتبدأ زكاة المال والحرث والماشية على زكاة الفطر، واختلف في عتق الظهار وقتل النفس إذا اجتمعا في الوصية بهما حسبما مضى القول فيه في رسم الثمرة من سماع عيسى من كتاب الظهار.