الحج وتتكافأ فيه الأدلة، فينبغي لمن لم يواقع هذا الذنب العظيم أن ينتهي عنه ويستعيذ بالله منه مخافة أن لا يصح له متاب إن واقعه فيحق عليه سوء العذاب ويناله شديد العقاب، ولمن واقعة أن يتوب إلى الله ويستغفره ولا يأس من رحمته فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، وقد كان ابن شهاب إذا سئل هل للقاتل توبة يتعرف من السائل هل قتل أم لا ويطاوله في ذلك، فإن تبين له منه أنه لم يقتل قال له لا توبة له، وإن تبين له من أنه قد قتل قال له توبة، وإن هذا لحسن من الفتوى، وأما من قال إن القاتل مخلد في النار أبدا فقد أخطأ وخالف السنة لأن القتل لا يحبط ما تقدم من إيمانه ولا ما اكتسب من صالح أعماله؛ لأن السيئات لا تبطل الحسنات، ومن مات على الإسلام فلا بد أن يجازيه الله على حسناته، فإنه يقول وقوله الحق {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}[محمد: ٣٥] وقال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}[الزلزلة: ٧] وقال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ}[الأنبياء: ٩٤] وقال: {فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا}[الأنبياء: ٤٧] ومن مثل هذا في القرآن كثير.
واختلف أهل العلم أيضا في القصاص من القاتل هل يكفر عنه إثم القتل أم لا. على قولين، فمنهم من ذهب إلى أنه يكفر عنه بدليل قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الحدود كفارات لأهلها» فعم ولم يخص قتلا من غيره، ومنهم من ذهب إلى أنه لا يكفره عنه؛ لأن المقتول مظلوم لا منفعة له في القصاص، وإنما هو منفعة للأحياء عن القتل، وهو معنى قول الله تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: ١٧٩] فيكون القصاص في القتل على هذا القول مخصصا من