قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «القدرية مجوس هذه الأمة»«والقدرية نصارى هذه الأمة» وقوله: «صنفان من أمتي ليس لهم نصيب في الإسلام، المرجئة والقدرية،» وقوله: «لكل أمة مجوس، ومجوس هذه الأمة القدرية، لا تعودوهم إذا مرضوا، ولا تصلوا عليهم إذا ماتوا» وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اتقوا هذه القدرية، فإنها شعبة من النصرانية» ومن مثل هذا ونحوه كثير، وقد نهى مالك عن مجالستهم، وإن لم يرهم كفارا بما لقولهم على هذه الرواية لوجوه ثلاثة، أحدها أنهم إن لم يكونوا كفارا فهم زائغون ضلال يجب التبرؤ منهم وبغضهم في الله؛ لأن البغض في الله والحب فيه من الإيمان، وقد قال تعالى:{لا تَجِدُ قَوْمًا}[المجادلة: ٢٢] الآية، وهم ممن حاد الله ورسوله باعتقادهم الفاسد الذي خرجوا به عن الملة في قول كافة الأمة، والوجه الثاني: مخافة أن يعرض بنفسه سوء الظن بمجالستهم فيظن به أنه يميل إلى هواهم، والثالث: مخافة أن يستمع كلامهم فيدخل عليه شك في اعتقاده بشبههم، وكفى من التحرير عن ذلك المثل الصحيح الذي ضربه مالك في رواية ابن غانم عنه، ونهى عن الصلاة خلفهم على مقتضى هذه الرواية من أنهم كفار؛ لأنهم وإن لم يكونوا كفارا هم زائغون ضلال، وقد قال النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أئمتكم شفعاؤكم، فانظروا بمن تستشفعون» فإن صلى خلفهم على هذه الرواية أعاد في الوقت، وهو مذهب ابن القاسم، وقيل: لا إعادة عليه، وهو مذهب سحنون وكبار أهل مذهب مالك، وأما على القول بأنهم يكفرون بما لقولهم فيعيد من صلى خلفهم في