وإنما دينكم دين الحمير، ونحو هذا من التعريض القبيح، ومثل قول النصراني للمؤذنين إذا قالوا: أشهد أن محمدا رسول الله، كذلك يعطيكم الله، وإذا قال: شتموا النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ماذا يجب عليهم في ذلك كله؟ وكيف لو أن رجلا من المسلمين سمع بعض النصارى أو اليهود يشتمون النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بشتم يجب عليهم فيه القتل، فغاظ ذلك المسلم فقتله ماذا عليه في ذلك؟
قال ابن القاسم: أما إذا قال: ديننا خير من دينكم، وما قال للمؤذنين، فأرى أن يعاقبوا فيها عقوبة موجعة، ولا يقصر فيها على السجن الطويل، وأما شتمه النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إذا شتمه شتما يعرف، قال: قال مالك: أرى أن نضرب عنقه، قال ذلك غير مرة إلا أن يسلم، ولم يقل لي يستتاب، إلا أن محمل قوله عندي إن أسلم طائعا من عند نفسه، فإن الله تعالى يقول:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨] .
قال ابن القاسم: ولقد سألنا مالكا عن نصراني كان بمصر، فشهد عليه أنه قال: مسكين محمد يخبركم أنه في الجنة، هو الآن في الجنة، ما له لم ينفع عن نفسه إذ كانت الكلاب تأكل ساقيه لو كانوا قتلوه استراح الناس منه، فسألناه عن ذلك، وكتب إلينا بها من مصر، ونحن بالمدينة، فلما قرأته عليه صمت، وقال: حتى أنظر فيها، فلما كان بعد ذلك المجلس، قال لنا: أين كتاب الرجل؟ فقلنا له: هو في المنزل، ونحن نحفظ المسألة، فقال: لقد كنت حين قرأتم علي هممت ألا أتكلم فيه بشيء، ثم تفكرت في ذلك، فإذا أنا أرى أن لا ينبغي الصمت عنه اكتبوا إليه ضرب عنقه، قال ابن القاسم: قال مالك: وإذا شتم المسلم النبي ضربت عنقه، ولم يستتب، قال: وقال عيسى في الذي أغاظ قتل النصراني الذي شتم النبي: إنه إن كان شتمه شتما يجب فيه قتل، وثبت ذلك ببينة، فلا شيء عليه، وإن لم يثبت ذلك أو شتمه شتما،