لا يجب عليه القتل، فأرى عليه ديته، ويضرب مائة ويسجن عاما.
قال الإمام القاضي: هذا كله بين لا إشكال فيه؛ إذ لا اختلاف في أن من سب النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أو عابه، أو نقصه بشيء من الأشياء؛ يقتل، ولا يستتاب مسلما كان أو كافرا أو ذميا، إلا أن يبدو الذمي فيسلم قبل أن يقتل من غير أن يستتاب، فلا يقتل لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨] ، وقد روى ابن وهب عن مالك أنه قال: من قال: إن إزار النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وسخ أراد به عيبه قتل، وروى عنه فيمن عير رجلا بالفقر، فقال له: تعيرني بالفقر، وقد رعى النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الغنم؛ أنه يؤدب؛ لأنه عرض بذكر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في غير موضعه.
وروى أن عمر بن عبد العزيز قال لرجل: انظر لنا كاتبا يكون أبوه عربيا، فقال كاتب له: قد كان أبو النبي كافرا، قال له: جعلتَ هذا مثلا؛ فعزله وقال: لا تكتب لي أبدا، وهذا لأن الله تعالى أمر بتعزيزه وتوقيره، فمن ضرب به المثل في مثل هذا، فقد خالف حد الله فيما أمر به من تعزيزه وتوقيره، فوجب عليه في ذلك الأدب، وكذلك حكم سائر الأنبياء فيمن شتم أحدا منهم أو نقصه؛ لقوله عز وجل:{لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}[البقرة: ٢٨٥] ، وكذلك حكم من شتم ملكا من الملائكة.
وحكم ميراث من قتل من المسلمين على سب النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أو أحد من الملائكة، أو النبيين حكم ميراث الزنديق يكون لورثته على قول مالك في رواية ابن القاسم عنه، وهو مذهب ابن القاسم، ولجماعة المسلمين في قوله على رواية ابن نافع عنه، وهو اختيار ابن عبد الحكم، وكذلك من شتم الله عز وجل يقتل بلا استتابة كالزنديق، إلا أن يكون إنما افترى عليه بارتداده إلى دين دان به، فإن أظهره استتيب، وإن لم يظهره قتل دون استتابة.