فلما يجوز صلاته لنفسه، فكذلك تجوز لمن صلى خلفه، والنصراني لا تجوز صلاته لنفسه، فكذلك لا تجوز لمن صلى خلفه، وقد أنزله من يقول: إنه يعيد خلفه في الوقت وبعد الوقت بمنزلة النصراني، وركب قياس قول الإباضية والحرورية الذين يكفرون جماعة المسلمين بالذنوب من القول، وأخبرني ابن وهب عن أسامة بن زيد، عن أبي سهيل بن مالك: أن عمر بن عبد العزيز قال له: ما الحكم في هؤلاء القدرية؟ قال: قلت: يستتابون، فإن تابوا قبل منهم، وإن لم يتوبوا قتلوا على وجه البغي.
وأخبرني ابن وهب، عن مسلمة بن علي، عن الأوزاعي أنه قال في الحروراء: إذا خرجوا فسفكوا الدماء فقتلهم حلال، قال ابن وهب: سمعت الليث يقول ذلك، وأخبرني ابن وهب، عن محمد بن عمرو، عن ابن جريج، عن عبد الكريم: أن الحروراء خرجوا فنازعوا عليا، وفارقوه وشهدوا عليه بالشرك، فلم يبحهم، ثم خرجوا إلى حروراء فأتى علي بن أبي طالب، فأخبر أنهم يتجهزون من الكوفة، فقال: دعوهم ثم خرجوا فنزلوا بالنهروان، فمكثوا به شهرا فقيل له: أغزهم، فقال: لا حتى يهريقوا الدماء ويقطعوا السبيل، ويخيفوا الآمن، فلم يهاجمهم حتى قتلوا، فغزاهم فقتلوا.
قال الإمام القاضي قوله: وأما أهل الأهواء الذين هم على الإسلام العارفين، فهم غير المنكرين له مثل القدرية والإباضية إلى آخر قوله، فمن قتل منهم على ذلك فميراثه لورثته؛ لأنهم مسلمون إلا أنهم إنما قتلوا الدائهم السوء يدل على أنه إنما يقتلون عنده إذا أبوا أن يتوبوا على ذنب لا على كفر،