كَيْفَ كَانَ شَعَر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَ: كَانَ شَعراً رَجِلاً لَيْسَ بِالْجَعْدِ وَلاَ بِالسَّبِطِ، بَيْن أُذُنِهِ وَعَاتِقِه» . وروي عن أنس أيضاً أنه قال:«كَانَ شَعَرُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَضْرِبُ مَنْكِبَيْه» . وروي عن أنس أيضاً أنه قال:«كَانَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، شَعَرُهُ إلى شَحْمَةِ أُذُنِهِ» .
ومن أهل العلم من ذهب إلى أن إحفاء الشعر أحسن من اتخاذه؛ لما روي «عن وائل بن حجر قال: أَتَيْنَا النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ولِي شَعَرٌ طَوِيلٌ فَقَالَ: ذبَابٌ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِينِي فَذَهَبْتُ فحززته، ثم أَتَيْتُ النَّبَيّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ: ما عَنَيْتُك، ولَكِنْ هَذَا أَحْسَنُ» . قالَ: وما جعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحسن كان لا شيء أحسن منه.
ومعقولٌ أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد صار بعض هذا القول إلى هذا الأحسن وترك ما كان عليه قبل ذلك؛ إذ هو أولى بالمحاسن كلها من دون الناس، وليس حديث وائل بن حجر في هذه بحجة بينة، لاحتمال أن يكون شعره قد طال طولاً كثيراً خرج به عن الحد المستحسن، ولهذا قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ جاءه وقد حزه:" هَذَا أَحْسَنُ "، ولعله لم يحزه كله وأبقى منه لِمَّةً أو وفرة.
ومن الصحابة من كانت له لمة، ومنهم من كانت له وفرة، ومنهم من حلق، فالأمر في ذلك واسع، وما تظاهرت به الآثار من أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان له شعر طويل أحسن، ففيه الأسوة الحسنة، وقد كان ابن عمر على ما حكاه عنه مالك هاهنا يتبع أمر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، حتى إن كان ليخاف على عقله وقد رُئي يدور بناقته في مَوْضِعٍ رَأَى نَاقَةَ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد دارت به فيه، فقيل له في ذلك، فقال: أحببتُ أن تطأ ناقتي المواضع التي وطئتها ناقة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.