فيهلك بذلك، ومالك يكره للرجال المعانقة والقبلة فيما بين العينين، ويرى ما جاء عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في ذلك خاصاً له. روي عن علي بن يونس المدني قال: كنت جالِساً عند مالك، فإِذا سفيان بن عُيينة بالباب يستأذن، فقال مالك: رجل صاحب سنة، أدخلوهُ، فدخل فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال مالك: وعليكم السلام يا أَبا محمد ورحمة الله وبركاته، فصافحه مالك، وقال: يا أَبا محمد لولَا أنها بدعة لعانقناك، فقال سفيان بن عيينة: عانق خيرٌ منك ومنا النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. قال مالك: جعفر، قال: نعم، قال: ذلك حديث خاص يا أبا محمد، ليس بعامٍّ. قال سفيان: ما يعم جعفر يعمنا إذا كنا صالحين، وما يخصه يخصنا، أَفَتَأذن لي أَن أُحدث في مجلسك؟ قال: نعم، يا أَبا محمد. قال: حدَّثني عبد الله بن طاوس عن أَبيه، عن عبد الله بن عباس قال: «لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرُ بن أبي طالبِ من الحبشة، اعتَنَقَهُ النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَبلَ بين عَيْنَيْهِ، وَقَالَ:" جَعْفَر أَشْبَهُ النَّاس بِي خَلْقاً وَخُلُقَاً يَا جَعْفَرُ مَا أَعْجَبَ مَا رَأَيْتَ بِأَرْض الْحَبَشَةِ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذَا سَوْدَاءُ عَلَى رَأسِهَا مِكتَلٌ فِيهِ بُرٌّ فَصَدَمَهَا رَجَلٌ عَلَى دَابَّتِهِ فَوَقَعَ مِكْتَلُهَا وَانْتَشَرَ بًرُّهَا فَأَقْبَلَتْ لِتَجْمَعَهُ مِنَ التُّرَابِ، وَهِيَ تَقُولُ: وَيْل لِلظالِم من دَيَّانِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيْلٌ لِلظَّالِم مِنَ الْمَظْلوم يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيْلٌ للَظّالِم إِذَا وُضِعَ الْكُرْسِيُّ لِلْفَصْل يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقالَ النبيّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: "لَا يُقَدسُ اللَهُ أُمَّة لَا يَأْخَذُ ضَعِيفُهَا مِنْ قَوِيِّهَا حَقَّهُ غَير متمتع ".» ثمَّ قَالَ سُفْيَانُ: قَدِمْتُ لِأصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأُبَشِّرَكَ بِرُؤْيَا رَأَيْتُهَا، ثمَّ قَالَ مَالِكٌ: قَامَتْ بِشَارَتُكَ خَيْرٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ سُفْيَانُ: رَأَيْتُ كَأَنَّ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْشَقَّ فَأقْبَلَ النَّاسُ يَهرعون من كُلِّ جِانبٍ وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَردّ بِأَحْسَنِ رَدٍّ، قالَ