للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبدليل ما روي «أن أَصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَحَدَنا يُحَدِّثُ نَفْسَه بِالشَيْءِ؛ لأن يَكُونَ حُمَمةَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ: "الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَقْدِرْ مِنْكُم إِلَّا عَلَى الْوَسْوَسَةِ وَالْحَمْدُ لَلّهِ الَّذِي رَدَّ أَمْرَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ» . قالوا: وإن كان في الحديث: إن أحدنا يحدث نفسه، وإنَا نحدث أنفسنا، فإن جواب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِيَّاهم بقوله: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَقْدِرْ مِنْكُم إِلَّا عَلَى الْوَسْوَسَةِ» هو المعتمد، وفيه الحجة لقوله فيه: ذلك صريح الإيمان ومحض الإيمان، أي: إن التوقِي من أَن ينطق بما غلب على نفسه من خطوات الشيطان أو يعتقده - هو من صريح الإيمان الذي يثاب عليه فاعله.

ومن روى: "ما حدثت به أنفسها" بالنصب، قال: معناه: ما يهمُ به العبد باختياره من المعاصي أن يفعله، ثم لا يفعله، فتجاوز الله لأمة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك.

واستدلَّ من ذهب إلى هذا بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "تجاوز الله"، والتجاوز لا يكون إلَّا عمَّا كان للإنس فيه كسب باختياره له.

وبما رُوي عن النبيّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّه قال: «قَالَ اللًهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةِ فَاكْتبُوهَا عَلَيِهِ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا عَشْراً وَإِذَا هًمّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَلَا تَكْتُبُوها عَلَيْهِ فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ خَشْيَتِي فَاكْتُبُوهَا حَسَنَةً» . وقد رأيت لبعض أهل الأصول من المتكلمي: أَن الهموم بالسيئة خطية، وأَرى

<<  <  ج: ص:  >  >>