للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أنْ تَذَرَهُم عالة يَتَكًفّفُونَ النَّاسَ» . وأمره - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بقبول ما أتى من غير مسألة، ونهيه عن إضاعة المال، وعن الوصية بما زاد على الثلث. وما أشبه ذلك من الأحاديث التي يكثر عددها ولا يمكن حصرها، ولأن الفقير يؤجر من وجهين: أحدهما: الصبر على الفقر والفاقة، مع الرضا بذلك، والشكر لله تعالى عليه، والثاني: تصرفه وعمله فيما يعيد به على نفسه ما لا بد له منه من نفقته ونفقة من تلزمه نفقته.

والغني يؤجر من وجوه كثيرة، منها الشكر لله عز وجل على ما أتاه من فضله، ومنها الصبر على ما يعطيه من ماله لوجه الله عز وجل في الواجب عليه من الزكاة، وفيما سِوى ذلك من القربات ومن الِإنفاق على ما يجب عليه الِإنفاق عليه من الزوجات والبنين الصغار والآباء والأمهات المعدمِين، مع حبه له، وشحه عليه.

قال عز وجل: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى} [البقرة: ١٧٧] ... الآية، وقال: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} [الإنسان: ٨] ثناءً منه عز وجل بذلك عليهم. وقد يتزوج الغني الزوجتين والثلاث والأربع، ويتسرى الِإماء ذوات العدد، فيستمتع بوطئهن، ويؤجر بذلك فيهن. والفقير لا يقدر على شيء من ذلك، وما فضل على الرجل من ماله بعد أن أدى منه الواجب عليه فيه باستمتاعه به في الرفيع من اللباس الطيب، والطعام الحسن، والحسن من الركوب، والجيد من السكنى من غير إسراف في شيء من ذلك كله؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: ٦٧] ، أولى من ترك ذلك وإمساك المال، إذ لا أجر في مجرد إمساك المال، وإنما يؤجر على إمساكه إذا أمسكه لخير يريد أن يفعله منه. وقد يؤجر على الاستمتاع بماله في لباس الحَسَن؛ لأن الله يحب أن يرى أثر

<<  <  ج: ص:  >  >>