نعمته على عبده. «وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صاحب جابر بن عبد الله لما لبس الثوبين الجديدين بأمره له بذلك ونزع الخفين: "مَا لَهُ ضَرَبَ اللهُ عُنُقَه، أَلَيْسَ هَذَا خَيْرٌ لَهُ؟» وقال عمر بن الخطاب: إنِّي لأحِبَ أنْ أنْظُرَ إلَى الْقَارِئِ أَبْيَضَ الثِّيَاب. وقال: إِذا أوسعَ اللهُ عليكم فَأوْسِعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ.
ويؤجَر عَلى التوسعة على أهله في الِإنفاق. قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حتَّى مَا تَجْعَل فِي فِي امْرَأتكَ» . ففي هذا كله بيان واضح على أن وجود المال خير من عدمه؛ لأنه إذا عدِمه لم ينتفع بعدمه، وإذا وَجَدَه انتفع بوجوده، إما باستمتاع مباح غير مكروه لا أجر له فيه، وإما باستمتاع مندوب إليه فيه أجر إلى ما يفعل منه من الخير الواجب والتطوع، وإنما قُلت: إن الفقر أفضل من الكفاف؛ لأن الذي عنده الكفاف، إنما يؤجَر على شكر نعمة الله عليه فيما أعطاه من المال الكفاف الذي لا فضل فيه عما يحتاج إليه، فأغناه ذاك عن الكدْح والتصرف فيما يحتاج إليه.
والفقير يؤجر من وجهين، حسبما ذكرناه، واستدل من ذهب إلى أن الفقر أفضل من الغني بقول الله عز وجل:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر: ١٠] ولا دليل لهم فيه؛ لأن الأغنياء يشاركونهم في الصبر، والأجور في الأعمال على قدر النيات فيه.