قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن اللهَ قَدْ أوْقَعَ أجْرَهُ عَلَى قَدْرِ نيَّتِهِ» ، ومقدار النيات لا يعلمها إلا المجازي عليها. روي: أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء. ولا دليل فيه أيضاً، إذ ليس على عمومه؛ للعلم الحاصل بأن طائفة من أغنياء المسلمين كعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان يدخلون الجنة قبل كثير من الفقراء وأنهم أفضل من أبي ذر، وأبي هريرة، ولأن السبق إلى الجنة لا يدل على زيادة الدرجات فيها، وكذلك ما روي من كون "الفقراء أفضل أهل الجنة" لا دليل لهم فيه، إذ ليس لهم فيه في الحديث أنهم أكثر أهل الجنة وأفقرهم، وإنما كانوا أكثر أهل الجنة؛ لأن الفقراء في الناس أكثر من الأغنياء، فالمحمودون منهم أكثر من المحمودين من الأغنياء، وليس الكلام في أي الطائفتين أكثر، وإنما هو في أيهما أفضل، أي: أكثر ثواباً.
وقد بينا وجه كثرة الثواب في ذلك، وأقوى ما يحتج به من ذهب إلى أن الفقر أفضل من الغنى، هو أن الفقراء أيسر حساباً وأقل سؤالاً، إذ لا بد أن يسأل صاحب المال من أين كسبه؟ وهل أدى الحق الواجب عليه فيه أم لا؟ وسأل أيضاً عن تنعُّمه فيه بالمبَاح من المطاعم والملابس، بنص قَوْله تَعَالَى:{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}[التكاثر: ٨] ، وقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لأصحابه:«لَتُسْألُنّ عَنْ نَعِيم هَذَا الْيَوْم» ، في طَعَامٍ صنَعَهُ لَهُم أبُو الْهَيْثَم بن التَّيْهان: خبز شَعيرِ ومَاءٍ مُسْتَعْذَب. وهذا لا حجة لهم فيه أيضاً؛ لأن السؤال عن ذلك كله لا