ومن مذهبه أيضا ومذهب أبي يوسف ومحمد أنه إن بعث بهدي لمتعة ثم أقام أياما حكاما ثم خرج وقد كان قلد الهدي وأشعر، أنه لا يكون محرما بخروجه حتى يدركه ويسير به، بخلاف هدي التطوع، وفي حديث عائشة هذا ما يرد حديث «أم سلمة عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال: إذا دخل العشر فأراد أحدهم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره حتى يضحي» إذ قد علم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ كان لا يترك الأضحية، ولم يأخذ مالك بحديث أم سلمة وإن كان قد رواه؛ لأن حديث عائشة عنده أصح منه، وقد ترك مالك أن يحدث به، روي عن عمر أن ابن أنس سأله عنه فقال: ليس من حديثي، قال: فقلت لجلسائه قد رواه عنه شعبة وهو يقول ليس من حديثي، فقالوا لي إن لم يرد الأخذ بالحديث يقول: ليس من حديثي، وإلى ما ذهب إليه مالك من أنه لا بأس بحلق الرأس وقص الأظفار والشارب وحلق العانة من عشر ذي الحجة ذهب أبو حنيفة، واختلف قول الشافعي، فمرة قال: من أراد الضحية لم يمس في عشر ذي الحجة من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي، ومرة قال: أستحب ذلك، فإن فعل فلا بأس لحديث عائشة.
وقال الأوزاعي: إذا اشترى أضحية بعدما دخل العشر فإنه يكف عن ذلك حتى يضحي، وإن اشتراها قبل أن يدخل العشر فلا بأس.
فيتحصل في المسألة أربعة أقوال.
أحدها: أنه يجب ترك ذلك في العشر على من يضحي إذا كان واجد الضحية وإن لم يشترها بعد.
والثاني: أن ذلك لا يجب عليه إلا بشرائها في عشر ذي الحجة منذ اشتراها، وإن اشتراها قبل ذي الحجة لم يكن به بأس.
والثالث: أن ذلك يجب عليه في العشر إن اشتراها قبله، وفي بقية إن اشتراها بعد إن مضى بعضه.