وجه الكراهية في ذلك وهو التشبه بالنصارى الذين يفحصون عن أوساط رءوسهم من الشعر على ما جاء في ما أوصى به أبو بكر الصديق ليزيد بن أبي سفيان حين بعثه إلى الشام، فقال له: إنك ستجد أقواما فحصوا عن أوساط رءوسهم من الشعر فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف.
وأما حلق القفا فكرهه مالك إذ لم يرد في حلقه أثر يتبع يراه مثله، وقربا عنده من فعل النصارى الذين يحلقون مؤخر رءوسهم.
وأما استئصال الشارب فاختلف أهل العلم فيه لما جاء من «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بإحفاء الشارب وإعفاء اللحى» . والإحفاء الاستئصال بالحلق، فحمله جماعة من العلماء على ظاهره وعمومه، منهم أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما، فقالوا: إحفاء الشواب أفضل من قصها، وإلى هذا ذهب أحمد بن حنبل، فكان يحفي شاربه إحفاء شديدا، ويقول: السنة فيه أن يحفى؛ كما قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أحفوا الشوارب» .
وذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلى أن السنة أن يقص ويؤخذ منه حتى يبدو أطراف الشفة الإطار ولا يستأصل جميعه بالحلق، لأنه روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال:«من لم يأخذ من شاربه فليس منا» ، وأنه قال:«خمس من الفطرة، فذكر منها قص الشارب» ، فجعل ذلك من قوله:"فينا" لأمره بإحفاء