الأمراض فيكثر فيه الموت وسئل مالك: عن الأمراض تقع في بعض البلدان فيكثر فيهم الموت- وقد كان الرجل يريد الخروج إلى ذلك الموضع فلما بلغه كثرة ذلك المرض والموت كره أن يخرج إليه.
قال: ما أرى بأسا إن خرج أو أقام وذكر الحديث الذي جاء عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الطاعون، فقلت له: أفتراه يشبه ما جاء فيه الحديث من الطاعون؟ قال: نعم.
قال محمد بن رشد: الحديث الذي جاء في الطاعون قول عبد الرحمن بن عوف لعمر بن الخطاب إذ خرج إلى الشام، فلما بلغ سرغ، بلغه أن الوباء قد وقع فيه، فاستشار المهاجرين والأنصار في القدوم عن الوباء أو الرجوع عنه، فاختلفوا عليه في ذلك: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه» ، فرجع عمر بن الخطاب، قيل: بحديث عبد الرحمن بن عوف، وقيل: بل إنما حدثه به بعد أن كان عزم على الرجوع بما أشار به عليه مشيخة الفتح إذ لم يختلفوا عليه في ذلك.
وقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه» - ليس بنهي تحريم، وإنما هو نهي أدب وإرشاد من ناحية قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل الممرض على المصح، وليحل المصح حيث شاء» ، لئلا يقع بنفسه إن قدم عليه فأصابه فيه قدر أنه لو لم يقدم عليه لنجا منه، ولا مجير