ويزعمون أنهم يعالجونهم بالقرآن وقد كذبوا ليس كما قالوا، ولو كانوا يعلمون ذلك لعلمته الأنبياء، قد صنع لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سحر فلم يعرفه حتى أخبرته الشاة. وإني لأرى هذا ينظر في الغيب، وإنها عندي لمن حبائل الشيطان.
قال محمد بن رشد: ليس قول الرجل: الشمس تكسف غدا والقمر يكسف ليلة كذا - من جهة النظر في النجوم وعلم الحساب، بمنزلة قوله من هذا الوجه: فلان يقدم غدا، في جميع الوجوه؛ لأن الشمس والقمر مسخران لله تعالى في السماء يجريان في أفلاكهما من برج إلى برج على ترتيب وحساب وقدر لا يتعديانه، قال الله عز وجل:{وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}[يس: ٣٩] وقال: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ}[الرحمن: ٥] وقال: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}[يس: ٤٠] .
فالقمر سريع الذهاب يقطع جميع بروج السماء في شهر واحد ولا تقطعها الشمس إلا في اثني عشر شهرا، فهو يدرك الشمس في آخر كل شهر ويصير بإزائها من البروج الذي هي فيه، ثم يخلفها فإذا بعد وكلما زاد بعده منها زاد ضوءه إلى أن ينتهي في البعد ليلة أربعة عشر فتكمل استدارته وضوءه لمقابلة الشمس، ثم يأخذ في القرب منها، فلا يزال ضوءه ينقص إلى أن يدرك الشمس فيصير بإزائها على ما أحكمه خالق الليل والنهار، لا إله إلا هو.
فإذا قدر الله عز وجل على ما أحكمه من أمره وقدره من منازله في سيره أن يكون بإزاء الشمس في النهار فيما بين الأبصار وبين الشمس ستر جرمه عنا ضوء الشمس كله إن كان مقابلها أو بعضه إن كان منحرفا عنها، فكان ذلك هو